Wednesday, June 28, 2006

هخربش وشـّك … والنبى لأخربش وشـّك


ابتنى السيد الجوعان عمارة من أربعة أدوار ، جعل بالدور الأرضى مسجداً حتى يحصل على حديد وأسمنت التسليح بالسعر المدعوم ، وخلف المسجد توجد غرفتان للسكنى ، من إيجارهما يدفع المياه والكهرباء والصرف الصحىّ للمسجد ، إحداهما يسكنها الشيخ علىّ أبو دقن الذى عهد إليه الجوعان بخدمة مسجده الأهلى فهو رجل مقطوع وليس له أحدُُ فى الدنيا ، كان يبيع العسلية والحلويات على عربة قدّام المدارس ، فلما تقدّم به العمر اشتكى لرئيس البلدية فصرّح له بكشك على رأس الشارع يبيع فيه الكبريت والدخان والسجائر ، فلما عمل بالمسجد نقل الكشك بجوار شباك الغرفة التى يسكنها ، فإذا انتهى من مراسم صلاة العشاء ، جلس أمام كشكه يبيع للرائح والغادى ، وهو يقوم الليل وينام بالنهار بعد صلاة الفجر حتى صلاة الظهر ويبقى لصلاة فجر اليوم التالى ، أما الغرفة الأخرى فقد سكنتها بنت مطلقة لا أحد يعرف عنها شيئاً لكن فوجئ بها سكان الحارة بينهم ثم عرفوا بعد ذلك أنها تعمل بالبلدية بوظيفة كاتب وقيل إنها تساعد الحاج سيد فى صرف بونات الحديد والأسمنت بمقابل ، وبدأ الشباب يتردد على غرفتها ليلاً فإذا سئلوا ماذا تريدون؟ قالوا المحلات أغلقت ، نريد سجائر من ابو دقن ، وذاع الأمر فى الحارة فتكلّم مقيم الشعائر والإمام مع بعض كبراء الحارة وتوسطوا لدى الحاج سيد وهكذا لمّت البنت خلقاتها ذات صباح ورحلت لسكن آخر ، وجاء للغرفة رجل مقطوع الساقين إثر حادث قطار عيّنته الدولة ( حسب قانون الإعاقة ) بوظيفة ساعى بالشئون الاجتماعية ، متزوج من امرأة محتشمة ، هكذا ظنّت الحارة عندما رأوها تلبس النقاب حتى افتضح أمرها وعرفت النسوة أنها تدارى وجهاً شائهاً من آثار حرق قديم وكانت أقدمت على الانتحار عندما رأت خطيبها عارياً فوق أمها.

ولم يك أبو ذقن متزوجاً ولا كان من المتنصتين وإنما كانت تتناهى لسمعه تأوّهات المرأة فيتعجب كيف يأتيها الرجل وهو حتماً لا يستعين بالحوامل الخشبية أثناء الجماع؟ …. وكانت لهما لازمة يكرّرانها كلما تكرّر الفعل وهو قليل خدى فك القصب الجميل ده ، مصيه وهى تقول طب وطّى اللنده ، فى ريح جاى من بره ياربيع … هخربش وشّـك يا ربيع ، والنبى لأخربش وشّـك ، والنبى لأشاكياك للشيخ على … يا شيخ على …. يا شيخ علـــــــىْ .

وما يكاد الشيخ علىّ يهمّ ليخلصها من براثنه معتقداً أنه يضربها فعلاً حتى يدرك دلالة الحركات والألفاظ فيبتسم ويتذكر الشباب الفائت الجميل ما أهبل الا ابن آدم …يالله من نفسه حتى ربيع النص والمحروقة لهم نفس ... قادر يا كريم ….

ولا يدرى الشيخ على ولا النصّ من أين عرف الشباب الصايع موضوع القصب هذا ، فكانوا كلما لمحوه على رؤوس النواصى عاندوه تاخذ فكّ القصب ده يانص؟ ويجرون وهو خلفهم يلوّح بحمّالته الخشبية ويقفز بالأخرى كأبى فصاده إديه لأمك يا ابن الكلب ، ياصايع ياعويل… آه ياولاد الكلب ! ثم يهفت من القفز ويستند على الحمالتين ويخرج المنديل من جيب الصديرى ليجفف العرق ويقول لنفسه أكثر مما يقول للمارّة شباب صايع والدولة سايباه طب منى من الدولة أشغّلهم فى البلدية ورا عربيات الكسح أى والله ورا عربيات الكسح … ينزحوا خرا فى وشّ اللّى جابوهم …. أى والله ينزحوا خرا….

Wednesday, June 21, 2006

امال لو كان بايدها كانت عملت ايه؟؟؟

الحكاية الخامسة
وفيها يوضح لنا احمد لماذا استخدم العامية المصرية ولماذا يستخدم لهجة الشراقوة الطيبين في الكتابة ولا يقلد الكتاب الكبار فيقول دلف ، او ماشابه!!يعني خلاص يا سي احمد حبكت.صحيح مفيش بديل لمش بايدي ياسعد افندي


مش بإيدى يا سعد أفندى


كان عطية البلاسى ( وهو أعزب شهير وأمضى سنىّ شبابه فى الوطن الثانى العراق – هكذا يخرج لسانه مقلداً العراقيين فى الثاء ويربى الشارب مثلهم ) كان يجلس مع جاره سعد أفندى كاتب المحكمة الذى لم ينجب ويسلم أمره لله وينتظر العقب الصالح يهدئ من ثورته لأن جاراً آخر يربى جدياً صغيراً أطلق عليه اسم سعد نكاية فى كاتب المحكمة الذى يرهب المنطقة لصداقته بوكيل النائب العام ، كان الجار ينادى يا سعد فيجرى إليه الجدى ، ارجع يا سعد فيرجع الجدى ، مما أغاظ الكاتب فرفع عقيرته بالوعيد والتهديد إن لم يحترم الجار نفسه ويحفظ حق الجيرة والأصول فما كان من البلاسى إلا أن سحب كرسيين من عنده وطلب من أمه كوبين من الشاى إكراماً لسعد أفندى فأبى هذا وحلف أن الشاى عنده.

جلس الاثنان فى الفراندة المطلة على شارع به شجر تغرد فوقه العصافير وغرق الاثنان بعد افتضاض الخناق - بحكمة البلاسى - فى ضحك لذيذ.

كان يحكى له عن نوادره بالعراق واستنكر من سعد أفندى وصفه إياهم بالشرك والنفاق ( كما قال كتاب المطالعة القديم على لسان الحجاجّ الثقفى ) وراح عطية البلاسى يمتدح سجاياهم ويندهش من بعض العادات . تصور يا سعد أفندى يفطرون فى الصباح الباكر بالكبدة والمخ ويسمونه ( رايووق ) يعنى مسح ريق ، فماذا يتغدون؟ الطفل يتغذى بدجاجة كاملة … وذكر له واقعة أحمد المكوجى الذى لم يبق هناك سوى أسبوع واحد بعد أن أمسكته الشرطة فى حى الدعارة المسمى بالكاولية قال له بلدياته المقيمون هناك لما ذهب إليهم ليعينوه فى البحث عن عمل إن أسهل الأعمال أن يشترى صاجين ويصنع فيهما الكيكة أو المعمولة ويسويها فى المخبز المجاور ثم يذهب لبيعها بالكاولية . هناك ستبيع القطعة بدينار … نادى فى الشارع (كيك … كيك … اللى عايز كيك …) فظنّها الشرطى نيك ….نيك … اللى عايز نيك أخذوه للمخفر ومن هناك رحلوه على عجل . فإذا سئل لماذا تركت العراق قال انهم شعب لا يفهمون يقولون على الفراخ دجاج فلماذا أبقى عندهم؟ ويضحك سعد أفندى وينطلق عقال عطية ويجلب الحكايات ….
عارف جارك الذى يغيظك باسم الماعز هذا؟ جاء لنا هناك ولم يبق سوى يوم واحد. واحد فقط عملنا فيه فصلاً وأرسلناه لمركز الشرطة وقلنا له اذهب واشترى لنا من هذا الدكان بعشرة دنانير أيور … الإير بدينار … وعينك ماترى غير النور ، أعدموه العافية من الضرب ورحّلوه فوراً هو للآن لايدرى لماذا ضربوه رغم أنه ما أخطأ ، إذ أفهمناه أن الأيور بالعراقى هى السجق وسعد أفندى تدمع عيناه من الضحك اللذيذ ويستلقى على قفاه وتقع من يده المنشة التى يذب بها الهوام والذباب ويتخلى عن خجله الذى به اشتهر ويفتح صدره لعطية البلاسى.
وعطية يدرك أن كاتب المحكمة ربما هو آخر من يلبس الطربوش فى القطر كله وهو رجل فى حاله ، يحب الأصول ويرعى التقاليد ويخجل من خياله ولا يحب أن يمسك أحدُُ سيرته ولا هو يحب أن يخوض فى سيرة الآخرين إلا إذا كان لا يعرفهم فيسمع من باب التفكّه ، لذا فهو ليس بحاجة لأن يعيد عليه الكاتب ويزيد أن يحفظ سرّه وأن يلقيه فى بئر ، وأنت أخى الأصغر …. و …و …. وهكذا فتح صدره لعطية أنه نما إلى علمه أن بعض التلاميذ يدّعون المذاكرة خارج البيوت وتحت أعمدة النور إنما يسترقون السمع ويتنصتون عليه وعلى زوجته المليحة الغنوج نصحه من أنهى إليه الخبر أن يمسك على نفسه وأن يردع زوجته أو أن يفعل مثله فيأتيها فى الصباح الباكر ما دام ليس له أطفال يعاكسونه فى المنزل ، فانتهز عطية الفرصة والتقط الخيط تعرف يا سعد أفندى؟ العراقيون يحبون إتيان النساء فى الصباح مثل الذى نصحك ! ياشيخ؟ أى والله … يقولون الواحد يلقاه واقف بالصبح وأنا ذاهب للشغل ، ربما أنظر للنساء المحرمات ، طيّب ليه لأ؟ هى إن كانت موظفة تذهب لشغلها شبعانة وإن كانت ست بيت تبقى محترمة فلا يستدرجها قارئ عداد النور ولا يغريها بائع الغاز أو البوسطجى . وأضحك مع أبو صباح لا يفعل هذا بالنهار سوى البهائم يا أبو صباح ، فيصرخ ممكساً عضوه … يا بهيم أقوم من النوم هذا واقف وين أودّيه؟ بطيزك؟؟ ويكركر سعد أفندى وتدمع عيناه ثم تخفت القهقهة ويهمس جربت يا أستاذ عطية ، والله جربت ، النهار يحرجها ويحرجنى ، والله لولا أنى أريد الولد ، والحكيم طلب الجماع المنتظم ما فعلت هذا بالنهار أبداً…

وعاد سيرته الأولى ليأتيها بالليل … ويوشوشها أن تخفّض صوتها وأن تكف عن التأوّه مدركاً أن صنف النساء نصّاب فى هذا الموضوع بالذات ، إذ كيف لمن هيّأها الله ليخرج منها رجلُُ برأس وأقدام ألاً تحتمل هذه الشغتة – على حد قوله – دول بيولدونا ياعم. ورغم أنه كان يستملح فى سريرته ذلك لمافيه من تشجيع ومساعدة على إتمام فعله ونشوته ، إلا أنه كان يتوسل إليها أن تكف ، لترد هى بانكسار وضعف مش بإيدى يا سعد أفندى …
وتلاميذ المدارس البائظون عديمو الرباية والأخلاق كلما لمحوه فى الفراندة سارح الغزالة يمسك المنشة بيد وبالأخرى يمسك فنجان القهوة ، تصعد فى دواخلهم الشرّيرة نزعة الإيذاء فيصرخون مش بأيدى يا سعد أفندى …هئ هئ …. ويجرون ويهرول هو خلفهم يريد أن يمسك واحداً ليؤدب أهله برميه فى الكركون حتى يظهر له أصحاب أو أهل….
وغيّر الناصح نصيحته وحكى له واقعة إسماعيل الجبرى مع ابن جليلة فاستبشع ذلك زيت مغلى ….. يا حفيظ واستبدل الزيت بالماء الساخن ماءُُ كالمُهل يشوى الوجوه وراح يردد الآية الكريمة .

طلب من زوجته تسخين الماء واتفق معها على تفاصيل مابيّت عليه النيّة واستقر العزم فلما هدأت الأقدام فى الشارع صعد لسطح منزلهم حتى لمح المتنصّت التعيس فأعد الماء وأعطى الإشارة وانطلقت زوجته تصرخ حرام عليك يا سعد أفندى والنبى بشويش أىْ ….أىْ بالراحة …. بالراحة يا سعد …
كان سيد نزهة المعروف الآن بسيد حمراية والذى يعمل بمصنع الطوب بعد فشله أن يأخذ الإعدادية هو التعس الذى قادته لاسمه الجديد حظوظه العثرة ويزعم إن سألوه عن سبب الحمراية التى بصدغه وتشوّه عينه اليمنى أنه وقع فوق رماد الفرن متعثراً بقدرة فول كان يدفنها فيه لزبون أيام كان يعمل مساعداً لرئيس الحريق بالمصنع ، فلما وقع الحادث غيّر الوظيفة لإمساك الدفاتر.

أما إذا أراد محدّثه أن يقلبها غمّاً ذكر المحكمة والنيابة ثم كاتب المحكمة فيترك أبو حمراية الجلسة قبل أن تنتهى لمعركة وخناقة يتكسّر فيها الطوب فوق الرءوس ، فإن جاء ريس الأنفار ليفض المشكل إيه اللى جرى … أكيد مفيش غير أبو حمراية المنجوس ابن النجسة …..

Monday, June 12, 2006

هذه الحكاية تربط مابين التصنت والضراط او اخراج الريح و هكذا نرى مرة اخرى تحيز احمد لحاسة السمع على حساب الحواس الاخرى


( أبيع لأجلها دينى )


حادث تنصت الحاج سيد عبدالسميع والذى بلغ من العمر اثنين وثمانين عاماً على محمد عبدالبصير هو الأقل إثارة فى حوادث التنصت ببلدتنا ، وكان بعض الناس يحكونه للتدليل على طيبة عبدالبصير وكرم الأرومة والمنبت وكذا على أن داء التنصت غلاّب ، فالعجوز الذى تجاوز الثمانين حولاً والذى بالكاد يستطيع أن يتبين عضوه الآن وفقط عند خروج البول ، لا يملك أن يتخلى بسهولة عن داءه القديم ،فهو شهوانى حتى الجلد والعظم اللذين يتبقيان من جرمٍ كان هائلاً وفحلاً . والناس تحكى أنه لازال يلصق بالنشاء على حائط قاعة نومه صورة لممثلة إغراء أمريكية اسمها راكيل وولش تباعد فيها بطريقة مغناج بين فخذيها العاريين ، كان قد حصل عليها من مجلة المصور التى يداوم حفيده على شرائها لافتتانه بافتتاحية رئيس تحريرها السياسى البارع ، قال الحاج سيد عبدالسميع دى أبيع من اجلها مش بس الفدادين الخمسة وملعون أبو الورثة ، دا أبيع دينى إذ اشتهر عنه فى أواخر أيامه أنه كان يتأمل فرج امرأة تجاورهم اسمها أحسان كانت تحت عجوز يعمل نجار سواقى مات من سنين ولازالت تضج بالحيوية والأنوثة وكان يمنحها قيراطاً بين حين وآخر ثم يستكثر عليها ذلك ويقول قيراط بنظرة بس يا احسان؟ ياخويا إن كان فيك الله يعافيك … فلما علم بنوه اضطروا لرفع دعوى حجر بالمحكمة بعد أن نقصت أرضهم قراريط عشرة ، ولقد حمدوا الله أن الممثلة الأمريكية لا تسكن بر مصر إذاً لباعها أرضه قبل انقضاء الدعوى من أجل حفنة نظرات .

نعود لنقول إن حادث تنصته الأشهر يحكى أحياناً من باب طيبة المتنصّت عليه وفضح المتنصّت وأسرته ، إذ فى ليلة عاصفة مطيرة كان السيد عبدالسميع يعطى أذنه لشبّاك عبدالبصير فغلبه البرد فتكوّر على نفسه وداخل عباءته الصوف مثل قرادة واحتواه ملاك النوم بأجنحة حنونة تليق بطفل رضيع أو عجوز أفنى بدنه الكد والعرق والتنصت . وبينما يمد عبدالبصير يمناه ليجذب ضلفة الشباك بعد أن أنهى معاركة الجسدية مع زوجه المرغوبة وليكف اصطفاق الضلفة المزعج بفعل الريح وكان قد تركه لتغطى ضوضاؤه على فحيح أنثاه فلمح كومة الهدوم التى تضم جسد العجوز الضامر .

خشى أن يكون قد وافته المنية وهو يبول ( إذ استبعد أن يكون متنصتاً ) فلما شعر بحركة النفس فى الضلوع ، حمله كفرخ يمام ، وعلى كنبة بمندرة الجلوس أرقده وغطّاه بالحرام الصوف حتى طلع النهار.

ولو كان الراوى يريد أن يخلع مسحة إنسانية على عبدالبصير ويصب لعنةً على عائلة عبدالسميع لقلنا إنه أدرك ما أراد . لكن كثيراً من الرواة الثقاة لم يحكوا عنه بقصد الموضوع ذاته ، إذاً لقلنا إن قصدية الفضح بائنة وكذا إضفاء الطابع الإنسانى على المتنصت عليه ، إنما الرواية حكيت تواتراً عندما كان الجلوس أمام دكان أبو مرواد يتحدثون عن الضراط وأشهر الضارطين فامتد الحديث إلى الحاج شبراوى الضارط الأعظم والذى دخل مرة جامع النادى الرياضى ليقضى حاجته فسمع ضراطاً شديداً فقال أنت عمى وعم الذين خلفونى والله لانتظرن حتى أراه وأقبّل يده إن لم يسمح لى أن أقبّل خاتمه وطال انتظاره فغلبه النوم أمام دورة المياه ، ومن نومته تلك تذاكروا نومة السيد عبدالسميع وهو يتنصت.

وهكذا ندرك أن الراوى لم يرد أن يقدح هذا ولا يمدح ذاك إنما قصد أن النوم غالباً ما يغلب ذوى الحاجات العبيطة فيفضح سترهم ويكشف سرهم .




Wednesday, June 07, 2006

الحكاية الثانية

هذه الحكاية ترمينا في غياهب جب التنصت لذا لزم التنويه!!!
يا سادة

حرام عليك يا ا سماعين … منك لله يا أمّه


أمام المعسكر وعلى ضوء القمر ونسمة الصيف اللطيفة كان جمع الحفل الصغير قد تفرق ولم يبق إلا إسماعيل الجبرى وزميل له من طنطا ،هو القريب إليه والحبيب لقلبه . كان الزملاء قد أعدوا احتفالاً بسيطاً بعودة إسماعيل من الملكية بعد أن دخل دنيا فى الشهر الفائت . جلس الاثنان يدخنان ويتحدثان ، سأله زميله إن كان خائفاً ليلة الدخلة أم لا؟ من إيه يعنى؟ من رؤية هذا الشئ للمرأة؟ ضحك باندهاش وهل له أسنان تعض؟ إذاً لك سابق تجربة وخبرة؟
يوه … وبدأ يحكى طوال الليل بدافع واحد فقط ، أن ينسى ابن جليلة وفعلته الشنعاء معه وامتداد الحديث للبيوت امتداد النار فى الهشيم كما يقول الأدباء !
حكى عن احتلامه الأول وكيف أنه فزع من النوم مذعوراً إذ كان يتبرز من قضيبه فجلس على السرير وتحسس لباسه الداخلى فوجد السائل اللزج التخين ، شمه فوجد رائحة طلع النخيل التى تحدث عنها إمام الجامع فى دروس مابين المغرب والعشاء قال إنها أيضاً تشبه رائحة عجين القمح ، وهو يذكر الطلع لما كان عم محمد يلقح نخلتهم السمانى بقلب حوش الدار ، كان يصنع من كوز الطلع زمزمية ربنا ما حبش يقطع بيا … طول عمر حامل زمزمية ويذكر أيضا رائحة العجين عندما كان يضيف لها قطعة براز آدمى ناشف ويتركها بالليل لتختمر وقبل الفجر يطعم بها سنانير الحداف ، فدارهم قريبة من النهر أحلى قراميط وكراكير تيجى من آخر الدنيا على ريحة الحنتينة حين عرض عضوه على أولاد الجيران وهو يحكى واقعة البلوغ هذه ، زعق نبيل ابن موظف الإصلاح الزراعى يالهوى الواد زبره أد زبر الراجل ، يالهوى عليه دماغ وأفلتت ضحكة متلصصة ، كانت هى تسترق السمع من شباك غرفتها الذى كنا نجس أسفله ، موظفة بالإدارة التعليمية تسكن عندهم بالدور الثانى ومقطوعة من شجرة لا يزورها أحدُُ ولاتزور أحداً … بعدها بأيام نادت عليه وهو يذاكر تسمح يا أستاذ اسماعين ، فيه فار فى المصيدة مش عارفه أموّته إزاى … خايفة ، والنبى خايفة …. بملابس شفيفة لأنها كانت على عجل فلم تضرب أمى خوانة … أنت لسّه قاعد؟ قوم أسعف الست…
وكانت تلك تجربته الأولى التى فتحت عليه أبواب جهنم ، رسب فى الامتحان سنتين ثم فصل فاضطر للتطوع بالجيش ليمسك فلوساً ويصبح حر نفسه ، رغم أن الحرب أيامها لم يك أحد يعلم عنها شيئاً ، لا متى تبدأ ولا متى تنتهى ، وأيام الاستنزاف هذه كانت الجثث تجئ كأنما لتذكّر الناس بأنها واقع ملموس ولافكاك .

أمه – لأنه وحيدها – صوّتت ولمّت الدنيا ومزقت الاستمارات وضربه أخواله ولكنه يريد المال ويريد أن يتزوج ، فقد ذاق الشجرة الحرام وخرج من جنة الغفلة قبل البلوغ.

تطوع فى البحرية ، وأقام بالإسكندرية ، ومن كثرة ماعرف من النساء أراد أن يتزوج من الريف بلدهم ، بناته مؤدبات ويستطيع أن يطمأن عليها فى حمى أمه وأخواله أيام احتجازه بالمعسكر ، أما بنات المدن فلا .

زوجوه أنوار ابنة عمه وكانت بنهائى معلمات وبعد ظهور النتيجة تمت الدخلة وخلف الحارة التى يسكنها إسماعيل الجبرى كان فرن الخبز البلدى الذى يعمل به عبده اللقية ابن جليلة السقاية ( كانت تحمل البرميل الصاج لأزيار البيوت قبل دخول الماء نقياُ فى أنابيب وصنابير ) قالوا إن أمه وجدته أمام المسجد الكبير وهو يبكى وهى لم تتزوج وفاتها قطار الزواج فتبنته وقيل إنه ابن واحدة من بنات الأكابر ( بقايا التجار واقطاعى ماقبل الثورة ) أعطوه لها ويمنحونها عنه راتباً شهرياً ، جاء سفاحاً من بواب الدوّار وذلك ما يفسّر سواد بشرته وشعره الأكرت وضيق عينيه .

عبده ابن جليلة يعمل بالفرن موزعاً ، يحمل الطاولات واحدة على حوايه فوق الرأس وأخرى على راحة اليد اليسرى وباليمنى يقود الدرّاجة .

مرة وقع الجنزير فاستند على حائط اسماعيل ليضعه على طارة البدّال فانتهى لسمعه نشيج منكسر حزين حرام عليك يا اسماعين … والنبى حرام عليك … منك لله يا أمّه … كنتى خلتينى معاكى وبلاش الجواز ورحمتينى … آه … آى … حوشونى يا ناس … يابطنى …. ياسوتى … ياكُسّى … أطال الوقوف لما أيقن أنه صوت أمراة فى نشوة جماع … انتظر حتى انتهيا ثم ترصّد الدار فى نفس الميعاد وضبط مواعيده مع مواعيد زيارة الصول إذا مرّ عليهم فى الفرن ليأخذ الخبز المفقع الناشف من أجل الفتّة . عندها ينتشى عبده ويعرف أنها ليلته ، يعارك زملاءه ويتخاصم ليأخذ المطاعم القريبة من دار الجبرى حتى ينهى التوزيع سريعاً ويفرغ ليصيخ السمع ، واشتد به الوجد فاهتدى لأن يثقب جدار غرفة النوم المطلة على الشارع ويضع به قماشة بلون القرميد وغرق معهما فى بحر العسل ، حتى فطن إليه جارُُ لإ سماعيل يسكن قبالته فقرر أن يبدأ بالحسنى لكن عبده اللقية لم يتلعثم أو يرتبك وكأنما ينافح عن حق من حقوقه المشروعة ( كنت بفك ميهً أحصر روحى وأموت يعنى؟ مش قادر أستنى لما أوصل الجامع فيها حاجة دى؟) .

الجار المؤدب آثر ألاّ يثير فضيحة فأسرّ لإسماعيل .

ولم يكذب إسماعيل خبراً فذهب من فوره للفرن يسلم على صاحبه الحاج مصطفى وهذّر مع العمّال واشتدّ فى التحية لعبده الذى لم يفطن لما ينتظره ، وبالليل وقبل أن تتحرك الأقدام لصلاة الفجر جأرت المرأة فانتعظ عبده واخترمت عيناه الثقب لكن عبثاً فالظلام هذه المرة كان مطبقاً ودامساً . عدل عبده عن استخدام العين واكتفى بالأذن وصلطح وجهه للسماء وأصبح كُلّه أذن ، يتأوّه مع المرأة ويتخيل نفسه على السرير يهرسها بفحولته الحبيسة حين اندلق على وجهه الزيت المغلى … كان عبده يموت من الرعب ومن الألم ، ومن رائحة الشواء الآدمى ، بالكاد لحقوه فى قسم الحروق بالمستشفى الأميرى … صار عبده مسخاً تخيف به النساء أطفالهن المشاكسين هتسكت ولا أجيب لك عبده جليلة؟
لم يطب له المقام بالفرن ولا بالبلد من كثرة ما عيّره الناس فسافر للأردن و لم يتخل عنه النحس ، ففى أحد الباصات وكان يفشر على جارته فى المقعد ، قال إنه ابن صيدلى وكان يساعد أباه فى المعمل حينما انفجرت الأنابيب فى وجهه ومات أبوه وانتحل شهادة صديق له بالفرن معى دبلوم تجارة جئت لأكوّن نفسى وأكمل بناء المنزل لم أجد بنت الحلال بعد وابتسم فابتسمت ، وقبل أن تسلم البنت قيادها له كان محمد أبو فول جاره فى السكن وعمل معه فترة فى الفرن ، كان يجلس خلفهما بتقول إيه يا ابن جليلة؟ … مش تصدّقيه … دا اسمه عبده اللقيّة .. ابن زنا …. واللى ربّته جليلة السقّاية ، أخوها اسمه عبده الدكر عشان خنثى وأبوها الظيظى وجدها عبده الحلوف … وهو لا يعرف الواحد من قالب الطوب…. قال صيدلى قال ، ودبلوم تجارة ؟ يلعن أمك …
وترك عبده الأردن وتوجه للعراق أمضى بها سنوات وسنوات حتى عاد بعد الغزو ليكتشف أن بلده اللعينة وناسها الأجرام لازالوا يحتفظون له بالذكرى ولازالت النسوة تخيف به أولادهن المشاكسين .
هامش : لماذا اشتهر إسماعيل بطول الأير؟
عندما تذكر واقعة تنصت عبده اللقية على إسماعيل الجبرى يقود الحديث للأسباب! هل لأن زوجته وابنة عمه متهتكة ودلّوعة ولها ولع بفنون الهنك والرنك والغنج؟ أم فعلاً لأنها لا تحتمل شيئه العجيب؟ ليتدرج الحديث إلى عائلة أبيه وجده .

كان إبراهيم الجبرى جدّ إسماعيل أباً لأحد عشر من الذكور ماتوا جميعاً قبل سن البلوغ ويقال إنه كان خفيراً بمصلحة الآثار بتل بسطة ، ولقد وجد صفيحة على هيئة فانوس فدعكه ليخرج الجنىّ الفارع ويضع نفسه بين يديه عبدك ملك إيديك …. شبيك …. لبيك فماذا طلب الجبرى؟
لقد طلب أن تحمل زوجه ولداً فحلاً ليس كمثل فحولته شئ يعيش فيملأ الدنيا بنين حتى لا يضيع ذكرى من الدنيا . من خيبته لم يطلب كنزاً ولاجاهاً فلما استجاب الجنى ولدت زوجته ولداً أسمته شحته ليعيش وقد حمدت الله أن ولد مطهوراً ( طاهرته الملائكة ) حتى لا يحسده الحلاقّ ، فقد كان شيؤه عجيباً .

عندما كان يهذر مع ولده إسماعيل إذا تطرّق الحديث للميراث والأراضى أورثتك أحسن من إقطاعية ، أورثتك ما تستعبد به النساء
أخوال إسماعيل أيضاً اشتهروا بطول الأيور ، فقد حكوا أن خاله الأكبر كان فى حقل الأرز يسقى ، وتراهن اثنان من جيرانه وهم بعيد إن كان ما يتدلى هو شيؤه فأنكر واحدهما وقال هذا طرف الحزام الصوف فقال الثانى إذا ما هذه الكرة التى بنهايته؟ إنها العقدة لو كانت لانفكت لأنها بالطرف وكانت بالفعل غرموله وخسر الأول الرهان .

وخاله الأصغر كان يصطاد فى النهر أيام السدّة الشتوية وكان إسماعيل يمسك له الصفيحة يجمع فيها ما يقذف من سمك على الحافة ، وعند نهاية الصيد صفق الأولاد من رؤية عضوه واندهشوا لحجمه الغريب رغم برد طوبة الشديد أمّال لو الدنيا دفا كان يبقى طول إيه؟
أما خاله الأوسط والذى كان يعمل قاطع تذاكر بشركة الأوتوبيس فقد فصلوه من كثرة حوادث مطاردته للنساء بعضوه فى الزحام ، وهو الذى اشتهر عنه واقعة بالمستشفى حين كان يستأصل قرحة بالمثانة أن عضوه الطويل تعذّر معه وجود قسطرة بول بقياسه فلما سألوا الصيدلى عن آخر القياسات قال ما عندى أخرجته لكم ، عموماً نراسل المصنع بإنجلترا … نقول فيه ناس فى مصر مثل الحمير ، اصنعوا قياسات وحجوم على قدهم ياخواجات !



Tuesday, June 06, 2006

الحكاية الاولى: ياعالم الاسرار علم اليقين

هذه الحكاية هي مدخل لعالم التصنت وتعريف به




إذا فُتح موضوع التنصت فى دكان الترزى المعروف بـ ترزى الشباب أو الإنسان منا سيترك الطاولة التى يفرد عليها القماش وسيترك الماركة التى يصنع بها العلامات قبل أن يُعمل المقص ، ولسوف يطفئ السيجارة بعصبية على أرضية الدكان حتى لو لم يكن قد أخذ منها سوى نفسٍ واحد ثم يبصق وكأنما ليكمل إطفاء زهرة النار ويسحق العقب ثم يخرج حذراً إلى الطوار أمام الدكان يمط رقبة طويلة كرقبة الكركى ويشعل سيجارة أخرى ثم يترك الدكان للصبيان والشباب الذين أسمى دكانه باسمهم ويذهب .

ربما ليشرب كرسى دخان ( رغم أنه من مدخنى السجائر ) أو فنجان قهوة مرّة بدون سكر ( الإنسان منا يحتاج بين حين وآخر لفنجان قهوة يهدّى أعصابه ولا إيه؟ هو الإنسان منا مكنة ولا إيه؟ )
ولأن رواد الدكان دائماً فى سن الشباب ولأنهم دائماً يتعجلون التفصيل والمفُصل فإنهم يجالسون الترزى وصبيانه من باب تسليتهم وكذلك لاستعجالهم ، فإذا تركه صاحب قماشة نّحاها جانباً وأمسك التى تخص أحد الجالسين وأكثرهم تعجلاً أو أكثرهم مالاً أو سلاطة لسان ، هذا كان فى الزمان الذى مضى وليس ببعيد أيام المنطقة الحرة ببور سعيد وأيام كان الشغل على ودنه … كل أصحاب الصناعات البائرة من حدادين ونجارين ورجال معمار وكذا النشالون وصبيان السائقين وكل من هبّ ودبّ عمل بالتهريب وامتلأت الدور والشقق وعتبات البيوت وأرصفة الشوارع بالأقمشة والملابس والصابون والعطور … كانت الأشياء رخيصة وكان الشباب يساير الموضة أما الآن فقد تحّول الدكان إلى مكان شبيه بالمقهى ، فهو الوحيد الذى يسهر ونوره النيون هو الوحيد الذى يضئ بطول الشارع الكبير بالبلد . أين سيذهب الشباب إذاً بعد إغلاق المقاهى؟ يجلسون ويتبادلون السجائر وأكواب شاى السبرتاية ويتحدثون .

وليس ربما بل حتماً ولابد أن تقود الأحاديث دائماً للتنصت والمتنصتين يبدأ الحديث هكذا مثلاً إدريتوا حصل إيه أمبارح؟ فيذكرون إسماعيل الجبرى ضابط البحرية وزوج السمراء اللذين يسكنان بالدور الأرضى بجوار مقام الشيخة آمنة بنت يوسف الأحمدية ، ويمتد الحديث للحارة التى ضبط فيها ترزى الشباب وهو يسترق السمع ويتنصت على تاجر البطيخ .

وفى عرف المتنصتين فإن هذه الحارة تتمتع بميزات عديدة أولاها أنها حارة سد لا تقود إلى شارع آخر أو حارة أخرى ، وبذا فالقدم عليها معدومة ، وثانيها امتداد لأولاها ، فلأنها سد وليست مطروقة من الممكن ان يتحجج الإنسان منا ويزعم أنه يقضى حاجة عرضت ولايحتمل السير للجامع القريب ، وثالثها أن هذه الحارة دائماً غارقة فى ظلام دامس ، لأن سكانها فقراء وشراء لمبة كهرباء يحتاج إلى اقتراحات وموافقات على الحجم والنوعية وكم وات ، ومن أى دكان يشترونها وهكذا ينتهون لبقاء الحال عل ماهو عليه ، ورابعها أن سكان الحارة فلاحون ( عدا الشيخ عبيد الكفيف ومقرئ الجامع المجاور ) يشقون طوال النهار ويتعبون فنومهم ثقيل ولا يحتاجون إلا نور الله فى الفجر ، أما ليلة أمسك عبيد بتلابيب الإنسان منا فكانت سقطة من الترزى المتنصّت لأن الوقت كان صيفاً والحرُّ بطبعه يبعث القلق فلا استغراق فى النوم لدى الفلاح الذى لابد له فى الصيف من السهر ، فإما حصاد قمح فتذرية ثم تخزين الغلال وجمع الأتبان ثم حراثة فسقاية الأرز بعد القمح ، وهرباً من التزاحم على الآلات والجرارات والماء (كم راح شهداء أثناء العراك على دور الساقية ) وهذا يحتاج نسمة الصيف اللينةّ قبل صهد النهار ، كذا فإن طلاب المدارس وهم عدة جيش المتنصتين ومنهم عرف الإنسان منا جغرافيا النساء الغانجات ، يتحججون بحر البيوت فيخرجون لاستذكار دروسهم اسفل أعمدة النور فى الشارع ، ففى أول الصيف تكون مواسم الامتحانات ، وفى الوقت الذى نشن فيه الترزى لدى مرور تاجر البطيخ وبحساب ساعتين يقضيهما برفقة زملاءه من الحشاشين ، وحين يكون عل وشك الولوج للبيت ، كان الإنسان منا فى ركن ركين متخذاً موقعاً استراتيجياً حتى سمع التاجر الحشاش ، بعد أن خلع هدومه ، يغازل حلاله نعيمة ثم يمسك أردافها المكتنزة البيضاء ويبدأ فى تسميع الشريط الذى حفظه طلاب المدارس والذى لقنوه للترزى فقاده مرات ومرات للتنصت (كآفة أو داء تملّكه ولا يستطيع للآن منه فكاكاً) وهنا فى هذه الحارة بالذات.

يتحسسن التاجر الأرداف ويقول الطيز دى ملكى لوحدى يا نعيمة؟ ملكك يا سليم! يعنى ماحدش بيشاركنى فيها؟ لأ يا روحى ويبدآن .
هذه المرّة لم يكد الإنسان ينتعظ ويبدأ فى الاندماج مع الحدث وكأنه الممارس (على فكرة شكت زوجته من هجرانه فراشها فشكرت ربها على أعطياته ولداً وبنتاً وظنت أنها العنّة فلبست النقاب وارتادت المساجد مع المتطرفين ).

نقول إنه لم يكد ينتعظ حتى أمسك عبيد الأعمى بتلابيبه وانطلق جؤار فظيع فجر ذلك اليوم جؤار لاتسمعه إلا ممن يطلبُ نجدةً أو إسعافاً فلابد أن حريقاً بشعاً بادئ فى الاشتعال أو أن قتلاً وتربصاً حدث منذ ثوان ، وهكذا التم الناس أنصاف عرايا يرتدون الملابس على عجل أو سحواً حتى إذا عرفوا رؤوس المواضيع انتبهوا إلى أن نسائهم خرجت محلولة الشعر أو بملابس خفيفة تفضح عريهن فيزجرون النسوة ويدخلون لتغيير الهدوم وهم يصبون اللعنات على المتنصّت وقليلُُ منهم يفتح باب الشك فى أن عبيد ظنان ويتهم الأبرياء ويجعل مافيه فى الناس ، فلا يغيب عن أحد حوادثه فى الزنا واللواطة أيام الكلية التى لم يتمها بعد أن مكث فيا سنين عدداً ثم توظف بالثانوية الأزهرية ، ولاتغيب عن الناس طريفة من طرائفه إذ أن عمه الثرى والذى يكفله ، دائماً يقيم سهرةً فى رمضان يقرأ عبيد ما يحفظ من كتاب الله وتقدم المشاريب من شاى وقهوة محوجةّ وقرفة حتى يمر المسحراتى فيتسحر الحضور ثم يمضون لصلاة الفجر جماعة ، وياكم لامه الأقرباء والتقاةُ من أهل الحىّ أن عبيداً نجسُُ ثم إنه لا يحفظ الكثير من القرآن ويلحن فى القليل الذى يحفظ ، لكنه كان يردهم خائبين من باب صلة الرحم وأنه أولى من الغريب وعز التمر لأهله ، حتى كانت الليلة التى نزا فيها على فهيمة الخبّازة ( خبزة العيد فى العشر الأواخر التى ربما ضمّت ليلة القدر ) ولم يستطع أن يرفع جنابته وخشى أن يقرأ القرآن وهو على جنابة فتلعنه الملائكة فهداه شيطانه إلى تلحين رباعيتين من الخيام لحناً قرآنياً ( إن تفصل القطرة من بحرها ، ففى مداه منتهى أمرها ، تقاربت يارب ما بيننا ، مسافة البعد على قدرها ، يا عالم الأسرار علم اليقين ، يا كاشف الضر عن البائسين ، عدنا إلى رشدك فاقبل توبة التائبين )
فى اليوم التالى عاير عمه اللّوّام ما رأيكم إن الشيخ قرأ بالأمس سورة لم أسمع بها من قبل وليتكم حضرتكم لتستمتعوا بجمال صوته ثم بعد هذا تدّعون أنه لا يحفظ من الكتاب إلا القليل والله لأكسونّه فى العيد كسوة ليست على بدن شاهبندر التجار أو شيخ الأزهر .

هؤلاء الذين شككوا فى مصداقية عبيد هم الذين حسموا الخلاف لصالح الإنسان منا فبعد مناقشات ومداولات نروح المركز … نبلغ أهله … نفضحه قدام عياله والناس … هاتوا مراته وأمه وآخرون هوّ أنت؟ تفو !
انحسم الصراع مكتفين بما ناله من ضرب ولكم وركل وفضح وبصاق وأطلقوه..
ولابد إن فتح موضوع التنصت إذاً ، أن يبادر إلى طوار الدكان ويمط رقبة الكركى ويدخن سيجارة أخرى قبل أن يصل الحديث لتلك الليلة الليلاء فى حياته التنصتية التى امتدت بعد ذلك ولا ينسى عند عودته فجراً وقبل أن يتسلم الشغل الذى أنجزه الصبى أن يسأله من بعيد عما حكاه الشباب عن النساء المتهتكات كانوا بيقولوا إيه أولاد الكلب دول؟


Monday, June 05, 2006


هذه المدونة مخصصة لنصوص ابداعية تعجبني هي على اسم ابني الاصغر مالك.قد اضع فيها نصوصا لي، أونصوصا لغيري لكنها اساسا ستحتوي على نصوص ابداعية وليس دراسات ولا نقد
التعليق سيكون نقدا لهذه النصوص سواء مني او من المعلقين

النص الاول الذي سأوالي وضعه هنا الى ان يكتمل هو مجموعة
"المتنصتون"للصديق الجميل الدكتور احمد والي ابن ههيا




مفتتح فى فضل الأذن على العين


إعلم عزيزى القارئ أن السمع والبصر من أجلّ النعم التى أنعم الله بها على الإنسان والحيوان والطير ، وعلماء الأحياء يقولون إن العصافير أولُ من يتنبأ بوقوع الكوارث من زلازل وبراكين وكذا الكلاب والخيول لّما تسمع ذبذباتٍ صادرة من باطن أمنا الأرض ، فتهجر العصافير أوكارها وتنبح الكلاب ، والخيولُ تحمحم كأنها فى ساحة الوغى عساها أن تنبه الإنسان للخطر المحدق والهلاك القادم .

ورغم أن الإنسان محدودُُ فى ملكة سمعه فهو كذلك محدودُُ فى ملكة الإبصار ، باستثناء زرقاء اليمامة التى رأت أشجاراً تتحرك ( كان الأعداء يتخفّون خلفها ) ولأن ذلك مخالفُُ للطبيعة والعقل فقد اتهموها بالخرف وليتهم ما كانوا اتهموها . فمحدودية السمع لا تقُلل من شأنه إذا كان البصر هو الآخر محدوداً ، وإذا تحزب أنصار العين على أنصار الأذن فقالوا إن الناس تغنى للعين فتقول يا ليل يا عين ولم تقل يا ليل يا أذن وتقول القلب ولا العين مين السبب فى الحب نرد عليهم بضربة معلم نحن المتحزبون لجلال الأذن وما قيمة الغناء لو كانت لنا آذان صمّاء؟
ثم إن الله فى محكم تنزيله وفى أكثر من موضع وعندما يصف نفسه قال إن الله سميع بصير و إن السمع والبصر والفؤاد أفلا ترى معى أنه وهو الخالق العليم بما خلق قد قدم السمع مراراً لما له من غلبة وفضل؟
والشاعر قال الأذن تعشق قبل العين أحياناً وقال إن الجدار له أذن ومن هذه الشطرة التى صارت مثلاً ستكون أهمية الكتاب الذى نحن بصدد تأليفه لكن وقبل أن ننسحب لصُلب الكتاب نذكر من فضائل الأذن أن الأعمى يسير وهو يرى بعصاه فإن تناهى إليه زمر سيارة تفاداها أما الأصم الذى يرى فلربما داسته العربة الطائشة فلا نفعه بصره ولا أنقذته وأنقذت نفسها عيناه ، ثم إذا علمت عزيزى القارئ أننى متخصص فى الأنف والأذن والحنجرة ولست بحكيم فى الرمد ، أفلا غفرت لى حبى للأذن؟
زيادةُُ وليس تزيّداً فى فضل الأُذن.

العين ترى بالواقع والأذن ترى بالخيال ، فإذا كانت الوردة بيضاء أو حمراء أو صفراء فهى كذلك ، أما إذا سمعت الأذنُ أن فلانةً كانت تمسك بيدها وردة فهى تختار من الدرجات ما يواءم حالتها وحالة حاملة الوردة وحالة السامع فهى أحمر قانى أو كابى أو باهت أو طوبى ، قس على هذا فى كل شئ … فى وصف الحديقة والشارع والغناء والشجى وأصوات النسوة ودلالهن وغنجهن ، ومن هنا كان المتنصّت ( وهو موضوع الكتاب إنشاء الله ) يسعى أول ما يسعى بالأذن وهو حين يتسمّع فإنما يرى بعين خياله وأداته فى ذلك الأذن والعقل طبعاً ، فإن أتيحت للعين فرصةُُ فلا بأس وذلك مما يحُمد لها ، ربما لإكمال الصورة ، وذلك لا يكون إلا قبل بلوغ لحظة النشوة التى يطلق عليها الفرنجة الأورجازم .

وكنتُ شرعتُ فى العمل بعد أن تخيرت العنوان وهو المتنصتون فحكيت عن المتنصّت عليهم أكثر من أصحاب العنوان ، لأن المتنصّت عليهم هم المفعول بهم ، وهم الحالة والموضوع ، وهم فى النهاية البشر والناس ، أما الفاعلون فهم واحد لا يختلفون ( وإن اختلفوا وتمايزوا فقد اتحدوا فى عرفنا بفعل واحد هو التنصّت ، فاختلافهم لا يعنينا هنا ) ثم جنحت نفسى لعنوان أكثر إطالة فقلت درة الباحثين عن أخبار المتنصتين فكان ذلك مما يضفى على دور الفاعلين أهميةً بما همم فعلة ويغيُب فى هذا المتنصّت عليهم كليةً ، أما العنوان الأول فقد قررت العودة إليه لما فيه من تفخيم أتت به واو الجمعة فجعلت للعنوان هيبة ، وينطوى هذا العنوان على دور المتنصّت عليه بالتضمين وهو يفتح للقارئ سرداباً سيحبّ أن يلجه ويفتش فيه عن كنز ،فياليته لا يخيب ، وتلك كنوزى وجواهرى فلا تجعلها يارب زجاجاً ولا بللوراً يلمع دون أن يكون ذهباً حتى لايحبط عملى ولا يضيع ثوابى وذكرى لدى القارئ وهو المبتغى .

ولقد حسبتنى سأحكى ما هو أشهى من العسل المصفّى وأرق من النسيم ولكن ما حيلتى وتلك خزائنى ، وما حكيت قليل من كثير فاخترت من الدست مغرفةَ واعذرنى يا عزيزى القارئ أتى طعمّت حكاياتى بكثير من العامية فللعامية أحكام كما للضرورة ، إذ هناك ألفاظُُ فيها توضّح وتلخّص وتبين ما تعجز عنه مفردات فصحى ،وليس هذا تحيزاً لهذه على تلك وإنما قصدت السلامة فى وصول الإحساس والشعور ونقل الصورة ، وإنى متخذُُ لك مثلاً بعنوان مش بأيدى يا سعد أفندى فيه ذلة المرأة وانكسارها وضعفها أمام شهوتها قدام شهوة زوجها ، ولو قلناها بالفصحى لفقدت معظم بل جلّ معناها ، فانظر ثقل اللفظة الفصيحة وحيادها ليس بإمكانى يا سعد أفندى أو خارجُُ عن نطاق إرادتى يا سعد أفندى .

دُلّنى يا من تحب الفصحى ولها تتحزب حقاً أو باطلاً ، أليس تعبير مش بأيدى أكثر دلالةُ ووضوحاً وجزالةً وتعبيراً؟ فانك تكاد تراها تقلّب كفيها ووجهها للسماء دلالة العجز وتعبيراً عن الضعف . ولولا أن العامية تؤدى دوراً تفشل فيه الفصحى لما اخترعتها البشرية لأن لكل شئ قيمته التى لا ينفع معها شئُُ آخر وصدق الشاعر إذ يقول لكلٍ مكانً لا يسدً اختلاله مكانُ أخيه ………… وكذا الشاعر الذى قال إن الجوهرة إذا وضعتها مكان العين لاترى …. فهى أشياء لا تشترى!