Monday, July 31, 2006

لماذا يارب؟ … لماذا ياناس؟...


ماهر ومصطفى جيران منذ تفتّحت عيونهما على الدنيا ، الأوّل أبوه صاحب مصنع طوب وبلاط فهم من الأعيان ، والثانى أبوه مدير منطقة الأوقاف ، لاتزور الأسرتان غير بعضهما فهم أرستقراطية البلد ولا يختلطون بالناس الذين هم دون المستوى ، زملاء فى الابتدائى والاعدادى والثانوى ، على نفس الدرج يجلسان ، ومع بعضهما يذاكران فى بيت أيّهما ، فكلاهما واحد.

وماهر أحب مصطفى حبّاً جمّاً ، لا يلبس جديداً إلا إذا اشترى معه مصطفى نفس القماش واختار نفس الترزى ، كذا صانع الأحذية .
وإذا جاءت لأحدهما هدية من طعام وخلافه ، انتظر ليقتسمها مع رفيقه ، تفاح أمريكانى أو جوز ولوز من تركيا أتى بها أحد الأقرباء من الخارج ، فإن أحدهما يحتفظ لصديقه بحصته منها.
وكان ماهر يندهش من الأولاد الذين يحبون البنات ويرسلون لهن الخطابات ، لماذا البوظانُ وسوء الأخلاق وفى الدنيا شئ جميل اسمه الصداقة وصديق جميل اسمه مصطفى؟
وأولاد الشوارع شياطين ومولعون بالفساد والوقيعة ، اندهشوا لعدم اختلاط ماهر بهم ولأن مصطفى جميل الصورة مليح الوجه فقد ظنوا أن ماهراً يأتيه .
جُنُّ جنون ماهر لّما اتّهموا صديقه فراهنوه أن مصطفى أنثى وينام للعيال … وهكذا أحضروا ماهراً بدار أحد المشهورين يإتيان الصبيان وجعلوه يتنصّت على حبيبه ويرى بأم عينيه أولاد الشوارع يتناوبونه .
بكى ماهر وراح يخبط رأسه بحائط الدار حتى أدماه لماذا يا مصطفى؟ لماذا ياناس؟ لماذا يارب؟
فى الصباح التالى كانت والدة ماهر توقظه للمدرسة فقد تأخّر – ولبس الفتوة وحذاؤه يأخذان وقتاً أطول - فوجدت جسده بارداً كالثلج .
مات ماهر وما كان يشكو علةً ولا أصابه داء وكأنما لم يعد يطيق تلك الحياة التى بها أولاد شوارع شياطين مولعون بالفساد وسوء الاخلاق .

Monday, July 24, 2006

هل تعرفون المثل الشهير نيك الحكومة ولا تورهاش زبك؟؟؟
القصة هنا توضح انتصارا صغيرا يحققه الفلاح المقهور على رمز صغير من رموز القهر وبمساعدة من الرموز الاكبر

ومن هذه الانتصارات الصغيرة يصنع احمد عالمه الموازي ويحكي لنا كيف يتقبل هذا الفلاح الماكر المراوغ قهر السنين وينسجه في جلبابه الممزق المليء بالرقع!!!مش مراته يا تور.عندك حق يا باشا


مرتى يا حمار … مرتى يابهيم


وقع الصول النوبتجى عبدالعال البرماوى ( ذو الشارب الأطول المبروم ) فى حيص بيص عندما جاء له المخبرون بعمّ التهامى وزوجته مسلسلين فى الحديد بتهمة هدم حائط واعتداء على جيران. فى مثل هذه الحالات يسعى أعضاء المجالس الشعبية والمحلية مع المحامين لدى النيابة ويخرج المتهمون بكفالة ريثما يفصل القضاء فى الموضوع . وكان من الممكن أن يتغاضى المخبرون وينتظرون للصباح لو أنهم هبشوا خمسة جنيهات ، لكن من أين وعمك التهامى حلاّق بالمساناه ، لا يأخذ نقوداً إلا نادراً لو حلق لموظف ، فمعظم زبائنه فلاحون ، يأخذ أجره منهم آخر العام أرزاً وأذرة مع خضروات للطبيخ طوال السنة ، ولأنه حّلاق فهو على حد التعبير الشعبى تلم وبارد وأصقع من ماء طوبة ولسانه طويل فلم يمهله المخبرون للصباح ….

وأعضاء المجالس عادة ما يهتمّون بذوى الحيثية أما الحلاق فهو عندهم جناح بعوضة لاقيمة ولا سيمة ( من السيمياء وليس السينما فشكله يغنى عنه وطول لسانه ربما يخفى به دمامته حتى لا يمسك أحد سيرته ) .
أما وقد جاء به المخبرون فى الساعة السابعة فكان حتماً ولابد أن يُمضى ليلته بالقسم ، وقع الصول فى حيص بيص لأنه منذ بدأ الترميم فى مركز الشرطة لم يصبح السجن إلا غرفة صغيرة للطوارئ .

فلم تعد هناك العنابر المخصصة للرجال والنساء والحبس الانفرادى للخطرين ( المتطرفون والخطرون يُرحّلون فوراً إلى سجون العاصمة ودائماُ فى الفجر والناس نيامُُ) اتصل بالمأمور ليحل المعضلة أو لينصح بحجز الرجل و إطلاق سراح المرأة بضمان زوجها ( ويبقى عمل جميلة فى الحلاق يحلق عنده مرّة ولا اتنين ببلاش ) لكن المأمور سأل هل تم تسجيلهم فى الدفتر؟ نعم يا باشا متأكد إنها مراته؟ أيوه يا باشا خلاص ، فيها إيه ، احبسهم فى نفس الأوضة للصبح ، دا ساعتين يا عبدالعال يا حمار ، مصحّينى من النوم علشان حاجة تافهة زيّك؟ … وقذف السمّاعة فى وجه النوبتجى المهاب .

ولم يكد ينسى إلاهانة ويحلم أن محمداً ابنه سيكبر وسيدخل الشرطة ويصبح مأموراً لكنه سيكون مؤدباً وعارف ربّه ، لا يأخذ رشوة ولا يعامل الناس إلا بالذوق والإنسانية ، فكلنا أولاد تسعة ، وأكرمكم عند الله أتقاكم ، إلاّ ويتناهى لسمعه آى … حرام عليك … بالرّاحة … قلبت بطنى … طب بلاش من ورا فز عبدالعال من مكتبه وأفاق من تعسيلة الحلم اللذيذ وتتبّع مصدر الأنّات والتأوهات ، فقد حسب أن أحدً بلغ به الفُجر أن يعتدى على حّرمة بجوار الشرطة التى هى فى خدمة وحماية الشعب ، لكنه كلما ذهب خارجاً ، ابتعد الصوت فعاد أدراجه غرفة الحبس وما كان يظن أبداً أو يتوقع ما رأى … فالتهامى - بسلامته - يأتى زوجته .

بتعمل إيه يا حيوان إنت وهىّ؟ دى مرتى ياحمار بتعمل إيه ياحيوان؟ بأعمل ايه؟ بأقولّك مرتى يابهيم وحالاً أوصد الصول الطيّب الباب ، واتصل ثانية بالبيه المأمور وهو يتوقع أن يقترح عليه أشد أنواع العقاب للصداغة وغياب الحياء وإهانة كرامته وكرامة المركز لكن المأمور الغاضب الحانق هو أيضا ، وإيه يعنى هى مش مراته يا حمار؟ بتصحينى تانى علشان حلاق نايم مع مراته يا تور؟ وقذف السماعة هذه المرة أعنف من الأولى .

والغريبة أنه بينما كان الصول مجروح الكرامة غارقاً فى الإهانة من الحلاق والمأمور على السواء ، كان التهامى يتغلب على مرارة الحبس بالغوص فى نهر العسل طوال الليل …
وكلما ورد حادثُُ يُذكر فيه الصول عبدالعال أمامه أو سيرة ابنه الذى لم يكمل تعليمه وصار ميكانيكى موتوسيكلات ( تعلّمها من إصلاح موتوسيكل المركز عهدة أبيه ) كان التهامى يترحّم عليه ويضحك ويحكى للحضور والله ما سلتُّه … كّملت مع خالتك أم سعيد وأنا عمّال أغيظه … دى مرتى يا حمار … دى مرتى يا بهيم …


Thursday, July 20, 2006

الحادثة القادمة ليست حادثة تصنت ولكنها حادثة على كل الاحوال تذكرنا كثيرا بمشهد خالد في تاريخ السينما هو مشهد الجنس بين المرأة البدينة والصبي المراهق في اني اتذكر لفدريكو فيلليني

لماذا يذكرني دائما احمد والي بالواقعية الايطالية ؟؟هل بسبب خشونة وعنف حكاياته التي تصل الى قمة السخرية والمأساة في آن واحد؟؟؟


لا غيط ... لا سوق



عادة سخيفة تعوّدتها الحاجّة أم طبنجة كانت إذا تحركت معدتها أو مثانتها فإنها فى نفس المكان تفرغ حمولتها .

فى الطريق يسمع الناس ضرطة شديدة فيتلفّتون ، وهى لاحس ولا خبر ، تشق نهر الشارع بأنفة شراع سفينة .
وأحياناً بجوار حائط تجلس كاشفةً عن أردافها الكبيرة البيضاء لتبول أو تخرأ هكذا علناً … فإذا لام لائم من اللّوام – وهمُ كثرُ – قالت عبده أخويا صرف خمس تلاف جنيه علشان حبس جيص كسوف من القاعدين … هوّا بطنى أوسع من الخلا؟
وفى يوم من أيام شهر مايو كانت ذاهبة للغيط بفطور الصباح للذين يعملون فى درس الغلة وعلى طريق حقلهم البعيد كان مجمع المدارس الحكومية.

وكان طالبُُ من طلبة الدبلوم يذاكر على طريق المدرسة مبكراً حتى تلتصق بذهنه المعلومة فيقيئها على الورق حالاً وكأنّ وجوده قرب اللجنة سيكون أدعى للحفظ حين فاجأتها البولةُ فجلست أم طبنجة وشلحت الثياب لتبين أرداف بيضاء كبيرة على الطريق أمام مراهق أتعبت ذهنه الشهوة وأرهقه خوف الامتحان تداريهما شبورة الصبح المبكر فأخرج عضوه واحتضن أرداف التى تبول .

لم تشكّ الوليّة أن جنياً أو عفريتأً خرج لها من الحقول أو ماء المصرف المسكون ، فقد مرّت على الولد المشغول بكتابه وقرأت من نظراته الجوع للنساء .

هأصوت وألم عليك الناس …… لكن أين الناس ؟… ابعد يا واد … معلش يا حاجة نفسى أعمل مرة … عمرى ما عملت والعيال هبلونى … بيقولوا النيك جميل …أجرّب النيك مرة … عيب يا واد… دا أنا جدة وأكبر من أمك ، هاودنى هألم الناس عليك وابنى لاحقنى بالبهايم هيدبحك بالشرشرة .
والولد مقتولاً بجمال النشوة يلهث معلش ، معلش يا حاجة ويا لهو ووى … فيجرى الولد متكعبلاً فى البنطال الذى لم يستطع رفعه من الذعر ، والمرأة مشلولة مما حدث لا تستطيع حراكاً وعورتها بائنة وعلى ظهرها سائل الولد الساخن .

أولادها وزوجاتهم وبناتها نزل عليهم ضحك غريب وهى تحكى بالمساء ماحدث ، لم يغضب إلا الحاج اسماعيل زوجها … الوحيد الذى لم يلمها على ماتفعل ولم يقل لها كما قال الأبناء ما العيب منك يانينة أبداً لم تخرج من لسانه… كان الوحيد الذى تملّكه الغضب ودينى لو عرفته لمخلص عليه ، والله لأقطم رقبته … ابن الكلب الخاسر … وانتى من هنا ورايح لاغيط …ولاسوق … آه لاغيط ولا سوق ..
والحاجة منذ هذا الصباح لم تغادر عتبة الدار … تجلس بعد مساعدة زوجات أبنائها تلاعب العيال فى الشمس وتنكش الرائحة والغادية … وشّك منوّر وجديلتك مبلولة يا بت … ليلة إمبارح ما جلناش نوم أنا وسيدك الحاج م الزلزال … ربنا يحميهولك ويبارك لك فيه …






Tuesday, July 18, 2006

حادثة تذكرنا بحادثة اللي ميعرفش يقول عدس!!اي تحويل الفضيحة والكشف الى موضوع آخر

القصة فيها لمحة من حواديت بوكاتشيو في الديكاميرون وفيها شخصيات اقرب الى النمطية مثل الزوج الديوث والطفل الفاضح للحقيقة والمدينة المتواطئة
ولكن يظل الواقع واللغة الخشنة التي يتعامل بها احمد مع موضوعه اكبر بكثير من النمطية فالحدوتة تتجاوز الشخصيات وخاصة في هذا النمط من السرد الحكائي

المطافى ياناس … حرامى عُريان


دلف إلى المقهى طفل صغير لايتجاوز السنوات الأربع يبحث بعينيه الطفليتين عن أبيه بين الكراسى ، عندما لمحه ارتمى بين ساقيه متشنهفاً لاهثاً الحق يابا فى واحد حرامى فى الأوضة عريان ونايم على الأرض وأمى رخره عريانة وعمّالة تقوم وتقعد بتضربه على حمامته انفجر المقهى بالضحك الصاخب ومختار من الكسوف ( إن كان لديه كسوف أو حياء قليل ) هرول إلى الشقة فوجد الحال كما أبلغه آخر العنقود ، لم يزجر أو يشتم إنما زغر لها بغلٍّ فزّى قومى خشّى جوه وأنت ياسى خره مش عايز أشوف وشّك هنا تانى حاضر ياسى مختار …. وخرج الرجل وهو يعبط هدومه وعلى السلّم فكّ الملابس ليستر نفسه فصرخت ساكنة بالأدوار العليا كانت فى طريقها للتسوّ ق لمـا وجدت رجلاً عارياً على بسطة السلم فالتمّ الناس من كل حدب وصوب ( كما يقول أدباؤنا الأقدمون والشبان ) فسجلت بذلك واقعة يضيفها البعض لوقائع المتنصتين بالصدفة والذين لم يسعوا هم لذلك بل سعت لهم فى المقهى أو بينما هم فى بيوتهم يكفى خيرُهم شرَّهم .

ومختار أبو عدس هذا والمشهور بـ مختار أُقّة ( من أوقية ، إذ سرق من أحد البقالين فى الزمن البعيد أوقية الميزان وباعها لفاكهانى ليشترى لزوجته وأولاده خبزاً فلمحه أحد الزبائن وبلّغ البقال فيه المركز ، ثم تم صلح وبقى من الواقعة اسم مختار أقة مدى حياته ) كان يعمل جزمجياً فلما اصبح الكار بطّالاً بعد انتشار المحلات التى تبيع الجاهز وبأسعار رخيصة لأنها تستخدم فى النعال بدل الجلد الطبيعى جلداً صناعياً من ورق مطبوخ وكرتون مضغوط حتى تهلك سريعاً فتظل المصانع تعمل وكذا المحلات وأصحاب المحلات ، تحوُل مختار ليعمل إسكافياً يصلح ما يفسد من الجاهز ، ولأن الجلد من النوع الردئ وقد اعتادت يداه ومخرازه على الجلد المتين فقد كان النعل ينشرم ويفشل العلاج فهجره الناس . أخذ خلوّاً من صاحب المحل وقعد فى الدار مع القاعدين حتى صرفه ، ثم ترك الغرفة التى يسكنها ( وكانت من الطوب القرميد ) ليسكن أخرى رخيصة من الطوب الّلبِن ومع سكان آخرين ودورة مياه واحدة مشتركة ، أناسُُ يقولون إن زوجته احترفت الدعارة من السكنى مع الأغراب وآخرون يقولون انه عندما عمل جراحة بإسته فقد ذكورته .

كان مختار مصاباً بداء البواسير من كثرة جلوسه على الأرض وانحنائه للأمام على قادوم ودقماق ، فوصف له أحد البدو ( كان يرتق نعلا لديه ) سفوفاً وضعه بشرجه مما جعل اللحم يتساقط من أسته ودخل فى نزيف حاد بالكاد لحقوه بالمستشفى الاميرى … ليلتها وبعد انتهاء مفعول المخدر صرخ مختار صرخته الشهيرة فى البرية المطافى لطيزى ياأولاد دين الكا…..لب..
يقال أنه بعد هذا الحادث فقد مختار ذكورته من كثرة ماخرزموه وخاطوا فى منطقة الألم . ومن أجل هذا تسامح فى سلوك زوجته التى بدأ الناس يتناولون سيرتها فلم يعط أحداً أذناً .

حدث حريق فى المنزل المجاور ومن مياه خراطيم المطافى العنيفة انهارت الدار المصابة والدار التى يسكنها مختار وآخرون . وهيلاهوب أرادوا ان يضعوا الحكومة أمام الأمر الواقع فأخذوا نساءهم وأطفالهم وحوائجهم من حصائر وبطاطين باليه وألحفة لاتبين من دم البراغيث والبق وناموا أمام مجلس المدينة فأسكنوهم فى الإيواء العاجل حتى يتم تسليم المساكن الشعبية من المقاول المتباطئ لهيئة التعمير. أعطوا لهم عمارة بإيجار بسيط فسكنوها على القالب وبدأوا يعمُرون المكان الذى يطل على المقابر خارج البلد .

ولبعد المسافة وانحناء ظهر مختار كره العمل بالمدينة رائحاً غادياً بخرج العدّة والعائد قليل وما دامت الحال ماشية لا يسأل عن مصدر المال الذى تأتى به زوجته ، فلما تمّ تعمير باقى العمائر بدأ الناس يلمزون على استحياء ثم علت بعد ذلك الشكوى من المرأة وسلوكها الشائن والجيران لهم بنات يخشون لعيونهن المغمّضة أن تُفتّحّ … ولكن لأن الناس أشتات فى المساكن وأصولهم مجهولة فقد كانت النسوة عل راحتها فى اللبس … مقوّر ومكشوف وخفيف وكأنما أعطتهم زوجة مختار ترخيصاً فبدأت نساء أخريات يدخلن فى عداد المهنة ويبقى لها فضلُ الريادة.

كان الرجال من سائقين وأصحاب موتوسيكلات ( وهى مواصلات الطرق الضيقّة التى لا تسير عليها عربات ) كذا عمال طائفة المعمار يتفقون مع الحالة ويأخذونها للمكان المتاح إلا زوجة مختار فقد ظلّت تمارس وظيفتها بنفس الشقة التى تسكنها وأكسبت المساكن اسم زوجها [ أراد الناس أن يكرّموه ويكرّموا اسمه بصفته المعرّس الأول فى المنطقة ] فكان كمسارية أوتوبيس المحافظة والنيل وشرق الدلتا ينادون : مين نازل المحكمة؟ حد نازل مساكن الوقية ..؟ مساكن وأّه؟ … والعارف يضحك والغريب يندهش من إطلاق وحدة الموازين على وحدة المسافات..

استراح مصطفى وأضحى وأمسى وظلّ على مقهى الغفير الذى ترك العمل مع المقاول وحّول العشّة التى كان يسكنها إلى غرزة ، فمقهى بعد أن مشى الحال … لايغادر الكرسى الذى عليه يجلس والآخر الذى عليه يمدد ساقيه نائماً أو يقظاً حتى يفسح لزوجته وزبائنها … ولم يعكّر صفو حياته وجعله يغيّر سُكناه غير الحادث الذى جعلنا نشغل أنفسنا به عندما دلف إلى المقهى طفل صغير يبحث بعينيه الحائرتين عن أبيه بين الكراسى .



Friday, July 14, 2006

كعادة احمد تتحول المأساة عنده الى نوع من الملهاة العابثة التي تضحك وتفجر الدموع وتحز في النفس وتطهر القلب وهي تغرس فيه سكينا حادا ...الحدوتة القادمة من هذا النوع


يكاد الأخرس أن ينطق


ثرى من بلدنا فقد اثنين من أعزّ أبنائه فى حادث سيارة أليم ، كان جزّاراً وفتح الله عليه فورّد للجيش اللحم حياً ومذبوحاً طوال سنين ما بعد النكسة وحتى العبور فتضخمت ثروته . احتال أهل الفكاهة ليخرجوه من أزمته النفسية التى صاحبت فقدانه للوارث وحامل الذكر والاسم فنظموا فرحاً لجودة الأخرس وكان يعمل بالسلخانة ويتاجر كأمه وأخيه فى الكرشة والسقط لا يملك إلا قوت يومه ويشبع بالكاد ، نصبوا الفرح على حساب الثرى وفيه طبلُُ وزمرُُ وغانيات وزوّجوه عروساً بفستان زفاف أبيض كالحليب ، أنثى تشرح الصدر وتسيل اللعاب ، تأبط ذراعها فخوراً غير مصدّ ق ودخل غرفة العرس فلما كشف عن فخذيها بان لها ذكرُُ أكبر مما لعجل الثرى الذى يلقّح عجلاته فصعق الأخرس وكاد ينطق من الذعر ، والمتنصتون خلف الباب ومعهم الثرى يستلقون على أقفيتهم من الضحك اللذيذ ودمعت العيون ونسى الجميع الوارث الذى لم تبرد له دماء فى مقبرته ، والأخرس حيران ماذا يصنع؟ تتلفت عيونه الخائفة المرعوبة بين العروس وبين الباب ، يحاول أن يفسخ ضلفتيه فيمنعه الذكر العروس وكذا المتلصصون خارج الغرفة حتى لاتنتهى المتعة هكذا بغتة ، ودخل الأخرس فى حالة من الاكتئاب الشديد وتجنّب الناس ، حالة تعرّض لها أخ له من قبل وكان أخرس هو الآخر (فالبكم والصمم عندهم وراثة) وكان أخوه مدخّناً شرهاً ويلحسه الفقر فأغراه شاذُُ بقاروصة من السجائر المستوردة وفى دورة مياه مسجد الحاجة آمنة فعل به الفاحشة ثم نتش منه القاروصة وفرّ ، وجرى خلفه الأخرس الراحل وحكى للناس بالإشارة ، منهم الذى فهم فضحك ، ومنهم الذى لم يفهم ، فتركهما يتقاتلان.

وكلما أراد واحدُُ من الشباب إغاظته وجرّ شكله وضع فى فمه سيجارة وضرب أصابع اليدين للأخرس أى كبريت لو سمحت فلما يهم بإخراج الثقاب من جيب الصديرى انفجر ضحك الشباب فيفطن للمزحة الثقيلة ويجرى خلفهم فيجرون حتى إذا ابتعدوا مسافة وقفوا ليضعوا أيديهم على آذانهم إشارة لآذان المسجد حيث فتك برجولته الرجل الشاذ فيجن جنونه ويقذف ما تقع عليه يداه خلفهم وفى كل الجهات ثم يلطم ويشق الهدوم ويضع التراب على رأسه بعد أن يقذف الطاقية بالأرض وينخرط فى بكاء خشن مرٍ يكسر القلوب ويستدر الدموع.

مات أخرس المسجد ، ومات أخرس الفرح بعده بسنين ، وفى ذكريات المتنصتين والتنصت يرد أحياناً ذكر واقعة الفرح وواقعة المسجد ووقائع أخرى عن أمهما بائعة الكرشة .


Wednesday, July 12, 2006


حدوتة يتحول فيها الفعل من الحالة الفردية الى الحالة الجماعية
تذكرنا بهذا المشهد الشهير في فيلم الاخوين تافياني الحائز على جائزة مهرجان كان
1977: ابي سيدي
او


Padre Padroni


قبل أن يصبح الـنـيـك على البطاقة


كان من الممكن ألاّ ندرج تلك الواقعة كواقعة تنصت ، لأن التنصت هو استراق السمع لأناس تمارس الفعل الجنسى وفى الغالب يكون المتنصّت فردأً ويكون الدافع هو إثارة الشهوة وتخزينها للممارسة إذا كان متزوجاً أوله علاقات بنساء ، فإذا لم يك ممن تربطه بالنسوة رابطة فإنه يتخلص من شهوته أثناء التنصت داخلاً فى لحظة النشوة مع الفاعلين .

أما هنا فالمتنصّت ربما كان بلداً بأكملها والمتنصّت عليه كان عريساً يبنى بعروسه على سنة الله وروسوله والخلق أجمعين . كانت ليلة دخلة عبدالحميد ابن أبى معزة [ كان جدهم يأتى معزة بالزريبة بعد بلوغه فضبط واحتفظ للأبد بالاسم له ولنسله من بعده ] .
وكان جمع الناس أكثرهم من غير المدعوّين أو الأقارب ، جاءوا ليطمئنّوا على شرف العروس المطعون فيه ، وكانت الداية وأم العروس وجدتها لبياض عرض البنت متحفزين .

فتحية كانت تحب ولداً اسمه الطاهر يعمل بوابور الطوب … كان يشترى لها الهريسة مع الترابيع أم ترتر وخرز ، أو ايشارب ملوّن ، وهى تشترى له الطواقى والشّمل. هو من عرق وكد ظهره الذى يحمل عليه العصفور وهى من ناتج ما تبيع جدتها من أزيار وقلل ، فدارهم على النهر ويخزّن الصعايدة أصحاب الجرار والقلل والأزيار بضاعتهم عندهم ، ولهم على الحراسة وما يبيعون عمولة .

تدخل عبد الحميد أبو معزة وهو سائق جرّار يحمل الطوب أحياناً من المصنع الذى يعمل به الطاهر وتصاحب معه وبدأ يسعى بالوشاية بينهما حتى خطف المحبوبة .
فتح الطاهر جاعورته فى عز العصر وقال إننى تركتها لما عرفت سلوكها الشين وأنا أخذت اللى أنا عاوزه وكنت بأنام معها فى فرانده البيه وأقدر أقول لكم عدد شعرات سوّتها واحدة واحدة … هنا خرجت جدتها من المندرة شاخرة نافرة كأسد جريح وجرت وراء الولد وقالت كلاماً أيسره فحش وأكثره كفر هوّ أنت راجل يا بن الأوساخ؟ هات أبوك اللى مش ربّاك وأنا أفشخه وأنيكه على الجسر قدام الناس هناهه … دا أنا أحطك فى كُسّى يا مرمم و أقول ما شفتوش .

وتقدّم عبد الحميد لفتحية وفى أسبوع تمت لكفتة الموضوع ، والليلة دخلة عبدالحميد …
كانت النسوة على الصنبور العمومى يتساءلن هو ابو معزة عنده عيال للجواز تانى؟ يا أختى ما أنتى عارفه الراجل وهبله …. يدوب العيّل يبلغ يجوزه فى أوضه فى دار العيلة ، قال إيه علشان يصونهم من الغلط …. عايز ينسّى الناس حدوتة المعزة
زوّجه أبوه درءاً للفضيحة وهو وحيد ويريد عزوة من الأبناء والأحفاد …
هجوزهم قبل النيك ما يغلى … بكره يبقى على البطاقة زىّ السكر والجاز والصابون نروح لأبو والى البقال والنبى ياعم محمد تصرف لنا نيكة على البطاقة يقول ما نزلش نيك الشهر دا يا عم ابراهيم .
الليلة دخلة عبدالحميد والبلد مقلوبة أمام دارهم لكى يشوفوا إن كان كلام الطاهر صحيحاً أم البنت لازالت بكراً …. وشباب الفلاحين يرقص قدّام الغوازى وهنّ يرقصن رقصاً خليعاً لينتزعوا النقوط انتزاعاً دبور قرصنى… قرصك فين؟ فى الحتة دى؟ لأ دى؟ وهى تغير موضع إصبعها السبابة وتشير من الشفة للثدى ثم إلى الصرّة حتى إذا أشارت على شيئها يجن جنون الفلاحين ويخلعون الطواقى ويرمونها على الأرض من شدة النشوة … وعندما نزل العريس مصطحباً عروسه من فوق ظهر مقطورة الجرار التى كانت مسرحاً يصفق الشباب هيبلّه … هيبله …
ودخلت الداية أمامه ومعها والدة العروس وجدتها ووالدة العريس وأقفلوا وراءهم باب المندرة وفتحوا له وركا العروس ، وحراس شدادُُ غلاظ على الباب يمنعون التلصص من فراغات ألواح خشب الباب أو يتنصتوا لصراخ العروس ، لكن لاحس ولاخبر قالت الداية آه يا ابن آدم … لن تأخذ من الدنيا إلا قوتك وبل قرموطك وضحكت ضحكة مغناج طويلة ممطوطة لتدخل البهجة على الحضور وتشجع العريس لكن العريس كان رايح دهاس، عيّل لسّه ما يدركش الدنيا خاف يقرّب على العروسة ، فلما طال انتظار الوقوف بالخارج فضّت الداية بنفسها بكارة البنت وخرج المنديل ملطخاً بدماء الشرف الرفيع وحملوه على عصا من الجريد يزفّونه فى حارة العلواية ومنها لشارع البحر قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى …. فقد أطمئن على شرفه وسلامة تربيته ..