Friday, August 25, 2006

بحبّك يا مارى … بعبدك ياجرجس


جرجس النجّار مهاجر من القنطرة ، ومتزوج من مارى ابنة خالته تيريزا ، أخذوه للجيش ليعمل بالأشغال العسكرية ، آثر حين اختار السكن أن يكون فى بيت جماعى وليس به شبّان بالغين ، فسكن بالدور الأرضى غرفةً من الطوب اللّبن ، تطل على الشارع عند أم عيد زوجة مؤذن المسجد ، رغم أنه ليس لها عيد ولاغيره من أبناء أو بنات.

ولأن الدار ليس بها مكان لنشر الغسيل فقد كانت تنشر عند الجيران ، اكتشفها الولد وهى صاعدة على السلم الخشب فجنّ شيُؤها الناعم كخد وأفخاذها اللّفاء جنونه ، واحتال عليها فأبت وتمنّعت وهددّت أن تشكوه لأمّه … وشكته فعلاً عندما بدأ ينتظرها على رأس الحارة وهى رائحة غادية للصنبور العمومى . [ كان أصحاب البيوت يخشون إدخال مواسير وصنابير الماء حتى لاتختمر الحوائط المصنوعة من الطوب اللّبن إذا تسرب لها الماء من أنبوب أرضى دون أن يشعروا … والهجرة لم تترك فى بلدنا عشّة إلا وغدا لها سعر وعليها طلب ]
كان عندما يراها يقول وماله النبى عيسى؟ مش برضه نبى ، وزى القشطة كمان؟ ملمّحاً أنها ربما ترفضه لمغايرة الدين ، فيفتح بذلك باباً لرضاها لكنها كانت تزداد نفوراً لذكره المسيح هكذا فى الفحش والغزل .
سلّط ولداً صغيراً فكسر زجاج النافذة الملّون بزهرة زرقاء مخلوطة بالغراء حتى لا يظهر نور البيوت أثناء الغارات ، ولأنها وحيدة فلسوف تنتظر إجازة الزوج ليشترى زجاجاً جديداً ، وخلع هو بالليل والناس نيامُُ ورقتين من خشب الشيش ، فانكشف أمامه السرير وبان لحمها الأبيض كالنيون والفائر المتقلّب أثناء النوم ، وقوّر فى مستوى عضوه مكاناً بالحائط ، وجرّب فوضع فيه كيساً من النايلون الرقيق بللّه بالزيت وراح كل ليلة يمارس العادة مع الحائط بينما عيناه تأكلان ما ينكشف من لحم مارى…

وفى الليلة التى رأى فيها جرجس قادماً يحتضن بطيخة انتشى فرحاً ، فتلك ستكون ليلة العرى الأكمل ، إذ أنه ما كان يحب المجامعة إلا عارييْن كما ولدتهما الأختان ، وبين جماع وجماع كانا يجلسان على حصير من البلاستيك عاريين أيضاً فيأكلان ويُطعمان بعضهما ويتبادلان قضمة وقضمة ويحتسيان الشاى حتى يسترد عافيته ليبدأ من جديد أكثر عنفاً وأكثر إطالة ، وهى على حيائها المعهود فى الحارة تتخلى عن الخجل والحياء وتبدى من فنون الغنج ما تعجز عنه أفجر النساء وأكثرهن فحشاً وبعداً عن الحشمة واستقامة الأخلاق الله … الله …. أهو داخل … أهو طالع … يا حبيبى ، بشويش …. جرجيـــــــس … بحبك يامارى بعبدك ياجرجس وتقبّل المناطق الحسّاسة من جسده وهو يقلدها ، وتفعل ما أتت به الأفلام بعد ذلك ، تلك التى يبثّها لنا الغرب العدو ليستدرك بعد انتهاء الحروب مافاته بالجنس والمخدر والأفلام العارية المفضوحة ، ويدخل الولد فى نشوة أخرجته عن طوره فيصرخ كأنما لدغته عقرب آ... ه…. ليمسك بقفاه المؤذّن الذّى خرج توّاً لصلاة الفجر ، فلما عرفه سلّمه لأبيه ، وكانت خطبة الجمعة التالية عن التجسّس وتتبّع العورات حتى لو كانت على أهل الكتاب ، وحسب الولد أن سره فى بئر فالفضح ليس من شيم الشيوخ لكن النبأ كان قد انتشر وذاع فغيّر جرجس المقام وزاد شرطاً على شروطه أن يكون البيت الجديد بالدور الأخير وله منشر ولا تسكنه أسرُُ لها أبناء فى سن الشباب والتنصت ولا سن الطفولة والبراءة حتّى … بنين لا …

Tuesday, August 22, 2006

العالم عبر عيون طفلية ...هذا هو العنوان الذي اخترته لرؤية هذه الحدوتة الجميلة المتجاوزة التي تضع في الق و نور مشهدين متشابهين ثم تضيء كل منهما باضاءة قوية فيظهر لنا التناقض الكامن في ردود افعالنا تجاه كل مشهد...ومن خلال عيون طفلية ومنطق قبلي مختلف عن المنطق اليومي المعتاد تتبدى لنا مشاكل كثيرة في تعامل البالغين مع الطفل

التصنت هنا غير متعمد ولا مقصود ولكنه مفروض ومن جهة اخرى عفوي والعقاب مؤلم في الحالتين ...والنكتة ان المعاقب واحد وهو للاسف الطفل.مع احمد اترككم


كيف أنام يا ستــّـــى معهم؟


كان علىّ الصغير يلعب لعبة الدور والعريس مع العروس فى مخزن التبن خلف الدار مع ابنة عمه وابنة عمته ، حرن لأمه يريد أن يلبس الجلباب الأبيض الذى لبسه يوم طهوره ، لأن حياة قالت إن العريس يرتدى الجلبية البيضاء ، ولفّ حول رقبته قطعة من قماش قديم بدل اللاسة الحرير وفرد نهايتها على صدره ، وجعلوا يرشّون عليه الريحة من زجاجة بنسلين أخذها ابن عمته الذى يشكو بداء الصدر ، وحوّطوا غرفة النوم بالطوب ثم وضعوه على كرسى الحموم ودلّكت ابنة عمته ظهره ، وزفّوه بالدفوف ( التى هى غطيان الحلل النحاس ) تماماً كما يصنع الكبار ، ولقد أعوزهم المأذون لغياب المريض فخلعت ابنة عمته التربيعة ولبست طاقية أخيها وسوّدت موضع الشارب من قعر حلّة الطبيخ وقالت أنا مأذون وكتبت ليصير الزواج صحيحاً وهكذا جاءت ليلة الدخلة.

أصرّت المأذونة أن يخلعا الجلابيب ويناما عاريين على النورج الذى يقوم مقام السرير … تردد الولد وخجلت البنت ، فلما ألحّت ابنةُ عمتهم سمعوا كلامها اعبطوا بعض ناموا بقه وانسلّت من الغرفة لتعود العمة أمها بقنو النخل تلسوع بدن العروسين وتقلب الفرح غمّاً.

بالليل كواهما عمهما العائد من الحقل بالنار ، فأبوها بالجبهة وأبوه يعمل موظفاً بالبلد البعيد ، وفى اجازة الوالد التى يجئ فيها آخر الشهر محمّلاً بالموز والكمثرى والخبز الأبيض الفينو حكت له العمة وانتهى إليه حديث الكىْ ، فلم يحزن عليه بل فرح بالعقاب ، وزاد فيه أن حرمه من الفاكهة واشتد فى الخصام ، فذهب هو حزيناً منكسراً إلى غرفة النوم يبث الوسادة حزنه ودموعه .

شبع نوماً ليستيقظ آخر الليل على والديه عارييْن ويفعلان أشدْ ما كان يفعل مع ابنة العم ظنّه حُلماً ثقيلاً فتقلب فى الفراش ليتأكد أنه لا يحلم … يا إلهى إنهما يفحشان … .
انسلّ من الفراش فتناوما ثم سألته أمه رايح فين؟ فلم يرد يمكن نازل الكابنيه تحت رد أبوه .

نزل السلالم بهدوء من تحطم قلبه ولا يعرف إلى أين يمضى … ولقد كان فرحه أن الجدة يقظى عظيماً ، إذ كانت تدفّئ ماءاً على فحم الشالية من أجل الوضوء قبل أن تدفس فى النار برّاد الشاى ، فارتمى فى حضنها ونشج عايز أنام معاكى حاضر يا كبد ستّك … لما أتوضا وأصلى … كان يتمسح فيها كقطّة وهى على الحصير ساجدة ، حتى فرغت ، فلما طال غيابه نزل أبوه من مقعده بالدور الثانى فوجد أمه يقظى وهو فى حجرها تمسد شعره وترقيه لتطرد عنه الشياطين والكوابيس ، تتثاءب وتقذف الملح بين بصابيص النار مش عنت هنام معاهم… هنام معاكى انت ياستى ليه ياعين ستك؟ لوشفتيهم بيعملوا إيه عمرك ما تنامى معاهم أبداً ….ابداً
الواد بيتوشوش بيقول إيه يا امّه؟
اطلع كّمل نومك أنت يا ابنى وسيبه معايا … انت وراك شغل وسفر ، بكره نتكّلم .
فى الضحى كان خارجاً من غرفة الجدة خجلان وصغيراً ، متمنياً لو يكبر ابنه الآن فيكويه ويكوى عمه ، ويكوى كل الكبار .


Friday, August 18, 2006

حكاية على الحكاية
ارسلت القصة الى الصديق الشاعر والمخرج التلفزيوني السوري علي سفر لتوضع في منتدى جدار الثقافي السوري .وبعد نشرها بساعات حذفت.وسألت علي فقال انه خطأ تقني وانها ستنشر فورا.و استغرق هذا الفور حوالي شهر ونصف ولكنها نشرت وبعدئذ حظيت بتعليقات كثيرة وكان آخرها من التعليقات الفريدة فقد كتب المعلق الفحل الشجاع المجهول(شجاعة معتادة في المنتديات العربية)
يقول لمن لا ادري:كس اكساس امياتكم...حذفت الادارة التعليق هذا وهو ما اعترض عليه... فالمفترض في الانترنت اقصى حدود الحرية وان تقوم السلطة الادارية بتطبيق قوانين فقط...وحيث ان عملية التعليق المجهلة ليست ممنوعة في جدار و حيث ان التعليقات مفتوحة لاقصى درجة فلماذا يحذف على العموم
هاكم القصة التي ادت الى التعليق وكس اكساس اميات اللي مش عجبه!!!!يالا بقى.هه
ملحوظة سادرج التعليقات جميعها في التعليقات في المدونة منسوبة الى اصحابها كلما امكن

براز العربجى على رأس ابن الطحّان


من كان يصدق أن يصبح العربجى من ساكنى العالى وأن يتزوج ليصبح له أولاد وامرأة يحلف عليها بالطلاق ، ويتنصّت عليه أسياده كمان؟ هكذا شلشلت أمُّ علىّ زوجة عليوة الطحان وزادت فى الكلام وعادت ، عندما افتضح الأمر فى الشارع والحارات المجاورة .

العربجى كان يسكن على حافة الترعة المجاورة لشريط الدلتا ، هكذا وضع يد ، وعندما نقلت الحكومة خط الدلتا وردمت الترعة وسفلتت الطريق ، اصطلحت مع أصحاب العشش وباعت لهم الأرض بقروش وعلى أقساط سنوية ، وهكذا تحّول العربجى إلى مالك ، فهّد العشّة وبنى بالقرميد الأحمر غرفتين من دورين ليس بهما مطبخ ولا حّمام ، فكانت زوجته تطبخ فى الغرفة الأرضية صباحاً وهو بالعمل والأولاد بالمدارس ولا ضيوف بأول النهار ، أما الحاجة فكانت تقضيها فى معلف الجزّار الذى خلفهم ، ومن هنا انبعثت إشاعة مفادها أن الكلاّف يأتيها من خلاف ، فإذا سمع دبيباً تصنّع أنه يرفع فوق رأسها فنطاز الماء ، وكانت قد دأبت على ملأه من صنبور المعلف ، أما الرجل وأولاده الذكور الثلاثة فكانوا يقضون حاجتهم بالمسجد المجاور وإذا غلب أحدهم إسته يضعها بجوار الحائط مما كان سبباً فى نشوب معارك وخناقات إذا لمحه صاحب الجدار المصاب.

باع الحصان والعربة لمّا غلت الأحصنة ونزلت عربات التويوتا البلاد فأصبح سائقاً من تور لمتور كما يقول أولاد البلد . زوجته ضخمة لحيمة تزن قنطارين ، ولا ندرى ما الذى يفتن أولاد العرب فى النساء السمينات ( خاصة من كانوا من كار العربجية ) تلك اللواتى إذا لعبت أردافهن اهتزّت عروش المراهقين وانبعث كامنهم وتحرّك ساكنهم ، وشباب الجيران يعلمون أنها من اللوائى يصرخن أثناء الجماع كالقطط ، فكانوا يحتالون للتنصت حتى إنهم كانوا يقفون على أكتاف بعضهم بالتناوب ، فإن جاءتها النشوة فأتتهم ، انهدّ السُّـلم البشرى المنتصب وعلا الدبيب فى الحارة ، ولكنها لا تتوب عن الصراخ والمواء ، ولا بديل عندهم فالدار غرفتان للأولاد السفلى ، والعليا فيها يتناسلان ويحكيان وينامان …
واشتهرت عنها عبارة سيبو فى كُسّى يا إبراهيم أروح به السوق وأكيد النسوان وكان الشباب إذا احتكّت بأحدهم سيارة ابراهيم – فهو فى القيادة لازال غشيماً – نبطّوا عليه والنبى تسيبه … أّروح به السوق فيشترى نفسه وينسحب درءاً للفضيحة .

أبلغ المركز أن شباباً يرتادون الحارة بالليل من أجل السرقة وأملى أسماء الذين يعايرونه قال إنهم ربما الذين يسرقون لمبات كهرباء البلدية وصنابير الجوامع لشراء السجائر والمخدرات ويتنصّتون على الناس فى البيوت ، لكنه بذلك استبدل الشباب بعسكر الشرطة الذين فتح عيونهم عليه وعلى زوجه ، فباتوا يتركون الدّرك عن بكرة أبيه وأمسى الواحد منهم يبيت ليلته أسفل غرفة إبراهيم العربجى حتى تنقضى شهوة الثلاثة فيعلو الصراخ وكأنما بعدوى المرأة مين هناك؟
وقد يكون للصوص عيونُُ كعيون العسس ، فقد أدركوا انشغال رجال الدرك بالتصنت فخططوا لسرقة مستودع السلع الغذائية الحكومى بينما كان الدركى يُعير أذنه وبصره وفؤاده لساكنة الدور الثانى.

ركن اللصوص بإحدى الليالى عربتهم النقل الكبيرة بجوار الباب الرئيسى وادعّوا أنهم يغّيرون إطاراً لإحدى العجلات ، وانهمك آخرون بقص باب المستودع الصاج وأفرغوا المخزن من تموين المدينة ( شاياً وسكراً وزيتاً وصابوناً ) وهى أشياء عُدّت وقتها تمسُّ أمن الدولة لأنها بضائع تغدو ثمينة والوقت كان وقت حرب .
جوزى الدركى بخصم شهر والنقل خارج المحافظة وجاء دركىُُّ جديد ، وكأنما أمسى ذلك المنزل طُعماً لصيد اللصوص والمتنصتين ، إذ أمسك الدركى الجديد علّياً ابن الطحّان وصفعه صفعاتٍ زلزت رأسه فلاتى زى أبوك؟ وكان الجاويش يغتاظ من غزل عليوه الطحان للنساء عندما يذهب فى يوم راحته بالحمارة مع زوجته للطحين وبياض الأرز ، وياكم هدده مراراً وتكراراً بأن يحبسه إذا لم يكف عن هذا الكلام البائخ المتغطى الذى يحلو له أن يقوله للنسوة أنعّمهولك ولاّ بتحّبيه خشن؟ هاتخذيه فى طرف الشاش ولاّ فى حجرك أحسن؟
لذا كان قصاص الدركى من ابنه لكى يشفى غليلاً قديماً .

ذهب عضو مجلس الأمة للمأمور وكذا للدركى ولا براهيم العربجى ، وقبّل عليوة رؤوس الجميع ولحس الأعتاب ليتركوا ولده وانتهى المحضر بالصُلح … أما الولد فلم يكف عن التنصت إلا عندما دلق عليه ابراهيم العربجى برميلاً من مخلوط البراز والبول – حصيلة قضاء حاجته وزوجه أثناء ليلٍ شتوى طويل …


Thursday, August 03, 2006

الكتابة الغرامية من اهم موضوعات القص في فترة الستينات ونجدها حاضرة بشدة في اعمال احسان عبد القدوس احد اهم الروائيين المصريين والذي تخصص في الكتابة عن المجتمع المخملي وحولته السينما المصرية الى معين لا ينضب مع نجيب محفوظ

هنا يدخل احمد لعالم التصنت من عالم الكتابة الغرامية وبالطبع يتجاوز كعادته ما كتب قبلا

قلبُُ مشقوق بسهم كيوبيد


كان سرحان يدبّج خطاباً غرامياً لنجلاء المنوفى زميلته بالمدرسة الثانوية التى أصبحت مشتركة بين البنين والبنات بعد الهجرة ، وكانت هى من بورسعيد وأول من لبس البنطلون من الفتيات فى بلدنا وأول من رّكبت الدراجة ، كانت تذهب لدروس التقوية عليها وكذا لتتسوق لأمها المشلولة وتشترى الطلبات ، كتب لها ياربيع حياتى وياقطعة من دمى وياحتّه من كبدى … وكانت تعذبه كلمة حتة هذه ، فهى عامية وهو يتفاصح فى الخطاب ، فهكذا درجنا على أن تكون الكتابة للبنات بالفصحى ، ربما من باب الاحترام وجلال حالة الحب أو لبيان شدة لواعجه وكان لا يرتاح أيضاً لكلمة قطعة من دمى رغم أنه جّرب أن يكتب لها رسالة بالدم كالتى تكون للزعماء ( هى عنده أهم وأفضل ) فوجد دمه مكبداً إلى قطع لم يمشِ فيه سن القلم ولا البوصة .

كذلك كانت تقضّه وتمضّه فكرةُُ يريدُ أن يعبّر عنها دون أن تُدينه هى ولا يدينه الوطن ، فقد كان يريد أن يقول إنه أحب النكسة لأنها أتت بها من بورسعيد لتسكن إلى جواره فى بلد صغير أكثر بيوته من الطين وليس به غير طريق واحد مسفلت ولا يذكره التاريخ كهرية عرابى مثلاً أو بلدها بطل 56 ، ولايطل على بحر ولاتلبس نساؤه غير السواد .

كانت تعذبه الفكرةُ والكلمات عندما علا صراخُُ فى الجوار فخرج حافياً وزرق هو القصير بين حشد الناس وسط الّلُمّة حتى انتهى لمركزها حيث كان رأسُُ محشورُُ بين عامودين من حديد شباك الدور الأرضى ، الذى تسكنه حبيبة قلبه ، كانت رأس زميله فى الفصل ، وهو الذى أشار عليه بإرسال الخطاب ، وكان هو الآخر قد ألقى خطاباً وما قصد أن يتلصص على الأفخاذ المنشورة على الأرض أو يتنصت ، فكلهن بنات وعائلهم يعمل هناك بالمطافى ببورسعيد فعلام يتنصت؟ إنما حاول أن يحّرك رسالته بالعصا لتستقر على صدر حبيبته ، فأخواتها كثيرات وخشى أن تقع الرسالة التى رسم عليها قلباً مشقوقاً بسهم كيوبيد فى يد إحداهن فيفتضح أمرهما ، فلما حاول مقترباً انزلق منه الرأس فافتضح.

تمت تسوية الأمر بالأعتذار وتقبيل الرؤوس بعد أن بكت المشلولة وشكت وحدتها وغربتها ونومها على الأرض وهى بنت ناس وكان لها شقة تطل على البحر الكبير ويرتع أطفالها بالفراندا الوسيعة فجاء اليهود بقنابلهم ومدافعهم ليفترق الشمل ونترك الأهل ونضيع فى بلاد الناس .

أما سرحان فلم تعد تعذبه لا الفكرة ولا الكلمات ، لأنه لا يعرف ما الذى صرفه عن حبها بالضبط ، هل لأنه أضحى لها عشاق آخرون غيره ، ربما، وربما لأنه قزمُُ ولا يحلم أن تحبه دوناً عن بقية الفصل خصوصاً بعد أن افتضح أمرُ زميله فافتضح أمره وأمر كثيرين غيرهما وقعوا فى غرام نجلاء وكتبوا لها خطابات دسّوها أثناء الفُسحة فى كتبها ، وهى بدورها أسلمتها للناظر ، دون أن يستطيع أحدُُ أن يخمّن الشخص الذى أولته نجلاء مكنون القلب .