Wednesday, September 27, 2006

مرة اخرى مع حواديت اسرة الراوي هذه المرة عن جدته او سته كما يقول اهل الارياف
اللغة تبدو ايضا متأثرة بلهجة الريف حين يصفها بانها بدرية الوجه!!!لم يقل مثل القمر وهي العبارة الاشهر في المدينة بل استخدم الصفة من عبارة الريف مثل بدر التمام
الصفة التي تعبر عن صفاء سماء الريف والجو الاسطوري الرومانسي وهو البعد الذي يتضح ايضا في كونها يتيمة مكافحة يربيها قريب لها
وكلها من صفات البطل في الحدوتة
هنا يلتقي البطل-البطلة بكائن لطيف من عالم آخر وايضا عبر حالة التصالح الاسطورية السحرية ينقذه
وتكون المكافأة التي هي جزء دائم من الحدوتة هي نوع من العقاب الظاهر الذي يخفي في باطنه خيرا كثيرا
قبلة العفريت هي الرمز الاسطوري للحصول على كل ماهو متجاوز وبعيد المنال
ومن ذاقها لن يقنع بما دون النجوم
قبلة العفريت هي ذلك الامر المحال الذي غوي الباحث و السائح والطالب فينسى نفسه وينسى حاله ويلهث في طلب ما ذاقه
وقد صبرت الجدة ونالت
مع قبلة العفريت اترككم
قبلة العفريت

أخبرتنى جدتى أن قبلة العفريت تحكمت فى مجرى حياتها.

كانت صبية رشيقة بدرية الوجه يتيمة الأبوين.. تعيش مع خالها.. وترعى بنفسها الأفدنة القليلة التى ورثتها عن أبيها.

ذات ليلة تأخرت فى أرضها.. فاضطرت للعودة وحدها ليلا.. لم تكن خائفة.. فهى فى بلدتها التى تحفظ كل شجرة فيها.. وتعرف كل شبر أرض.. لكنها لاحظت أشياء غريبة أثناء سيرها.. رأت شجرة توت مضيئة على بعد أمتار منها.. وكلما اقتربت من الشجرة ابتعدت عنها الشجرة لتظل المسافة بينهما ثابتة.. ثم اختفت الشجرة وظهر قنديل مثلث الشكل معلق فى الفضاء يسير أمام عينى جدتى.. احتار عقلها.. لكن قلبها لم يخف.. فهى لم تعرف الخوف أبدا.. كما أنها تحفظ بعض قصار السور القرآنية التى ظلت ترددها فى سرها.

وفجأة تحول القنديل إلى شاب جميل الصورة.. توقفت جدتى وهى تشهق من أثر المفاجأة.. كان الشاب يبتسم بوداعة.. ورأت جدتى فى عينيه حزنا ومسكنة.

قالت له:

- من أنت؟

- أنا عفريت.

همت بقراءة سورتى الفلق والناس.. لكنه أشار لها متوسلا حتى لا تبدأ.. وقال لها:

- اسمعى حكايتى أولا.. ثم افعلى ما بدا لكِ.

فوقفت جدتى منصتة بينما حكى لها:

- مرضت فجأة مرضا حار فيه المداوون ولم يعرفوا ما هو ولا كيف يمكن علاجه.. حتى زار بلدتنا حكيم عجوز قال لى إن شفائى متوقف على قبلة تمنحها لى إنسية.. فحسبت أن العلاج سهل.. لكنه أخبرنى أن الإنسية التى توافق على علاجى لابد أن تكون صبية عذراء جميلة يتيمة شجاعة قادرة على صرفى وحتى إحراقى بقوة شخصيتها وبما تحفظه من القرآن.. أى تعطينى القبلة وهى قادرة على عدم إعطائها لى.

سألته جدتى:

- وإذا رفضت؟

- سأنصرف.. وبعد قليل سأحترق فأنتِ آخر أمل لى.

فكرت جدتى قليلا.. ثم قررت الموافقة.. فقد رأت أنها قادرة على إنقاذ حياة بمجرد قبلة يمكن أن تصلى وتصوم وتستغفر ليتجاوز لها الله عنها بعد ذلك.

وتركته يقبلها.. وهى لا تنكر أنها شعرت بحلاوة فى فمها.. مزيج من عسل ملكات النحل والزبد الصابح.. وتمنت لو كررها.. لكنه ابتسم بسعادة.. وانحنى على قدميها شكرا.. ثم اختفى.

كانت هذه القبلة سببا فى طلاق جدتى مرتين.. فقد تزوجت مرتين.. وكانت فى كل مرة تتضايق من قبلة زوجها.. ثم تنفر من رائحة فمه.. وتصر على طلب الطلاق.

وحدث أن جاء إلى البلدة شاب طرده أبوه بدسيسة من زوجته الجديدة.. وافتتح هذا الشاب "دكانة" من البوص على ترعة المحمودية يمارس فيها مهنته.. نجار آلات زراعية.. وحدث تعارف بين جدتى والشاب الغريب.. وأحب كل منهما الآخر.. وتقدم الشاب يطلب يد جدتى.. لكن خالها رفض لأنه فقير وغريب.. ثم اضطر الخال للموافقة أمام إصرار جدتى التى كانت تحارب لتتزوج الشاب الغريب وفى قلبها خوف وتساؤل عن طعم قبلته.

وبعد أن انتهى حفل الزفاف.. ودخلا حجرة النوم.. أسرعت جدتى إلى زوجها وقبلته فى فمه قبلة عميقة.. فشعرت بحلاوة عسل ملكات النحل والزبد الصابح فى فمها.. كان هذا الشاب الغريب هو جدى لأمى.



Monday, September 25, 2006

الاصدقاء الاعزاء من قراء مدونة مالك رمضان كريم
ننتقل اليوم الثالث من رمضان الى قراءة مجموعة او متوالية قصصية كما اسماها صاحبها للاديب السكندري الشاب منير عتيبة ..قد يكون منير اديب غير معروف كثيرا ،لكني في الحقيقة اعتبره من اهم الاصوات التي ظهرت في عقد التسعينات .منير غزير الانتاج ومنذ روايته الاولى قيد الاوابد او حكايات آل الغنيمي وانا مبهور بقدرته الغريبة على الحكي وتقديم تفاصيل دقيقة واخاذة لحياة القرية التي تقع على تخوم مدينة كبيرة وفي مجموعته القصصية يافراخ العالم اتحدوا تتجلى ايضا روح الكوميديا العالية التي يتميز بها منير
وهي كوميديا تذكرنا باسلوب وودي آلان و ميل بروكس حيث انها بسيطة وتسخر اساسا من الذات دون اي محاولة للتجريح او المرارة
عمل منير معي كثيرا سواء في ابحاث علمية فقد كان بالمشاركة مع الصحفي السكندري الكبير حسام عبد القادر محررا مساعدا في موسوعة الفنون الاسلامية التي اصدرها المعهد العالمي للفكر الاسلامي وشرفت بتحريرها
وايضا كمساعد اخراج في اكثر من فيلم تسجيلي
وهو يتميز بالدقة والمثابرة وهي صفات تنعكس كثيرا في اعماله الادبية...العمل القادم من احب ما كتب منير الى قلبي
واسمه مرج الكحل
وقد يجد بعض الاصدقاء مشابهة بين هذا العمل وبين المتنصتون وخاصة في البيئة التي يعالجها ويتعامل معها
الا ان الاختلاف ايضا جلي بين
وبينما تجنح لغة احمد الى التقريرية المحايدة الخشنة على حد وصف د. وليد عبد الله لها سنرى لغة منير اقرب الى الشاعرية والتحليق في اجواء تصوفية ساحرة واسطورية جميلة
مع مسحة من سخرية لا تخطأها العين وهي ايضا من السمات التي يتشابه فيها منير مع احمد
اتمنى ان تستمتعوا معي في رمضان المبارك بمرج الكحل وان اتشرف بتعليقاتكم البناءة المفيدة
اسامة القفاش, زغرب ,25سبتمبر 2006


نداهـة جدى

كان جدى شابا مختلفا، لكنه كان مجنونا أيضا..

كان أطول شاب فى القرية، يميزه شعر طويل ناعم ينسدل على كتفيه، ويلمه خجلا تحت طاقية صوفية بنية اللون.. وكان قويا للغاية، أدار الساقية القديمة بذراعية رغم أن صدأها أعجز ثورا ضخما عن تحريكها، وقتل ذئبا فى معركة شهيرة بجوار مقابر القرية، وأكل كبد الذئب نيئا فلم يعد يخشى شيئا.. وسبق كل شباب القرية عندما تباروا فى السباحة ضد التيار لمسافة كيلو متراً فى ترعة المحمودية..

لكن أن يصل به الجنون لأن يذهب إلى الصيد فى عز القيلولة عند موردة إسماعيل الجناينى، فهذا ما لا يصدقه أحد..

القرية كلها تتجنب المرور بجوار الموردة من بعد صلاة الظهر بساعة حتى اقتراب المغرب.. لأن نداهة تظهر فى وسط المياه.. بيضاء، واسعة العينين.. طويلة الشعر.. ملائكية الصوت.. تغنى غناءً حزينا.. وتنادى من يمر باسمه ليأتى إليها.. يغنى معها.. وتهب له نفسها..

يحكون أن شابا فتن بجمالها وسحر صوتها عندما كان جدى طفلا.. فاستجاب لها.. وكانت النتيجة أن غرق ولم تظهر جثته فى أى مكان.. وقيل إن جثته ظهرت بعد عدة أيام طافية على سطح الماء بالقرب من كفر الدوار (سارت عكس اتجاه المياه).. من شاهدوها أكدوا أن عينيه كانتا مفتوحتين على آخرهما فى نظرة رعب لا مثيل لها، وكأنه مات تواً..

فكيف حمل جدى سنارته البوص، والغلق الخوص، والكوز الصدئ الملئ بديدان الصيد، وذهب إلى موردة إسماعيل الجناينى الساعة الثانية ظهرا ليصطاد..؟!

ما حدث أنه اصطاد ما يزيد على خمسة كيلوات من السمك البلطى كبير الحجم فى أقل من نصف ساعة.. كان الجو حارا فخلع جدى قفطانه ووضعه بجانبه.. وظل جالسا بسرواله الداخلى وفانلة نصف كم.. ومن وقت لآخر يأخذ طاقيته البنية ويمسح بها وجهه، ثم يلبسها..

سمع جدى صوتا خافتا قادما من أعماق الترعة.. أخذ الصوت يعلو بالتدريج.. لم يكن الكلام مفهوما.. لكنه كان بكاءً ساحرا يشبه الغناء.. تحركت غمازة السنارة حركات سريعة.. ثم غطست بقوة فى الماء.. جذب جدى السنارة بسرعة متوقعا سمكة ضخمة.. ارتفع خيط السنارة إلى أعلى.. رأى جدى ما يمسك الخيط من طرفه.. فرمى السنارة من يده بدون تفكير.. لكنه لم يتحرك.. ظل جالسا فى مكانه.. والعرق يتصبب منه دون أن يمسحه.. وعيناه تحدقان فيها..

كانت جميلة كما وصفها أهل القرية.. لكن الجمال لم يكن كل شئ.. فى عينيها الواسعتين كان يرقد حزن العالم ودمعة معلقة تشعر بها ولا تراها.. كانت تناديه ليقبل.. لم تكن تعده بالنعيم والكنوز كما حكى أهل القرية.. بل كانت تستنجد به..

ألقى جدى طاقيته بجوار غلق السمك، وخلع الفانلة.. وألقى بنفسه فى مياه الترعة.. ففوجئ بها تحتضنه.. وتغوص به.. لم يكن حضن غدر.. ولا حب.. كان حضن غريق تعلق فى طوق نجاة.. ظلا يغطسان لدقائق.. حتى توقفا أمام وردة غريبة تشبه ورد النيل لكنها حمراء اللون.. حمرة الدم الفاسد..

نظر جدى إلى الوردة وإلى النداهة.. أخبرته بعينيها أن كل الأسرار فى هذه الوردة.. مد يده ليلمس الوردة.. فوجئ بفم ذئب متوحش ينفتح ليقضم يده.. فشدها بسرعة.. نظر إلى الوردة مرة أخرى فلم ير فم الذئب.. فمد يده.. فعاد فم الذئب ينفتح.. نظر إلى النداهة بدهشة.. ثم شعر باختناق.. فصعد برأسه بسرعة إلى أعلى الماء.. ملأ صدره بالهواء.. وغطس مرة أخرى.. وفى أثناء عودته صفا عقله ففهم اللعبة.. نظر إلى النداهة مبتسما.. مد يده إلى الوردة.. فانفتح فم الذئب المتوحش.. لكن جدى خطف الوردة من مكانها ولم يعضه الذئب.. مزق جدى الوردة.. كان ملمسها يؤلمه بشدة لكنه تجاهل الألم الذى زال بمجرد أن انتهى من تمزيقها وفوجئ بما يسكن فى قلبها..

شعر باختناق.. فصعد إلى السطح مرة أخرى.. ملأ صدره بالهواء وعاد.. كانت عينا النداهة تبتسمان.. ولم تكن الدمعة المعلقة هناك..

أمسك جدى الحجاب الذى كانت تخفيه الوردة.. كان مكتوبا عليه بخط ردئ لكنه لامع يكاد يغشى البصر.. "من يحاول فك هذا الطلسم سيرث حزن العالم"..

رأى جدى قلقا كبيرا يتحرك فى ملامح النداهة.. فكر لحظة فى ترك كل شئ.. النداهة والحجاب والسمك والسنارة وملابسه.. تخيل أنه عاد إلى حجرته.. واستلقى عاريا على سريره.. ونام فى هدوء.. استغرق فى نوم لا يشوبه خوف..

أيقظ جدى صوتُ شخيره.. لم يصدق أنه كان سينام فى الماء مكان الوردة.. فقرر قبول التحدى.. مزق الحجاب بأظافره الطويلة..

كان كلما مزق قطعة فى الحجاب حدث تغير فى النداهة.. كانت زعانفها تتحول إلى أرجل بشرية.. وفمها يحاول أن ينفتح ليقول شيئا.. وعندما انتهى من تمزيق الحجاب تماما.. صرخت النداهة:"الحقونى"!.. وغطت صدرها العارى بيديها..

كان قلب الحجاب فارغا إلا من بعض الدخان الأسود كريه الرائحة.. فألقاه جدى.. وجذب النداهة من يدها متجها بها نحو الشاطئ.. وقد لا حظ أنها لا تعرف السباحة.. وكان حريصا على عدم النظر إليها أو لمسها.. وعندما وصل إلى الشاطئ تركها فى الماء.. وأسرع فأحضر قفطانه.. وفرده فى الهواء.. وأشار إليها لتخرج.. وأدار رأسه إلى الناحية الأخرى.. فخرجت وارتدت القفطان..

جلس جدى والنداهة يشويان السمك ويأكلان.. حكت له حكاية ليلة زفافها التى انتهت بأن ألقت نفسها فى الماء.. كانت تحب عريسها.. لكنها لم تطق اقترابه منها.. فظلت تجرى حتى ألقت بنفسها فى ترعة المحمودية.. فغرقت.. وظلت جثتها طافية من أبى حمص حتى خورشيد.. حتى استقرت بجوار الوردة أمام موردة إسماعيل الجناينى..

لكنها لم تستطع أن تحدد متى حدث ذلك.. منذ عام.. أو أعوام.. أو قرون..؟!

وقفت فوقف جدى.. سلمت عليه بيدها.. ارتعش جسده بسعادة لم يعاينها من قبل.. ورفرفت أجنحة الروح.. لم تتكلم.. لكنهما لم يكونا بحاجة إلى كلام.. انصرفت باتجاه أبى حمص وجدى يتابعها بعينيه حتى اختفت.. فشعر بحزن العالم يسكن قلبه.. فهو واثق أنه لن يراها مرة أخرى..

كانت سلوى جدى فى سنوات عمره التالية والتى تعدت الستين (مات وهو فى الرابعة والثمانين وكنت أنا فى العاشرة من عمرى) أن يذهب مرة كل عام إلى موردة إسماعيل الجناينى فى نفس الموعد بنفس الملابس والسنارة والغلق.. لكنه لم يكن يصطاد.. كان يستعيد رعشة الفرح.. ويحيى حزن العالم فى قلبه.. ولم يحك ما حدث لأحد غيرى.




Wednesday, September 13, 2006

في قصة تجمع مابين زولا وطبيعيته وواقعية تشخوف المجردة وعنف صلاح ابو سيف في شباب امرأة يقدم احمد رؤية للعلاقة العقدة بين المرأة والرجل ...بعد ان يأكل الدهر عليهما ويشرب وكيف يأتنسان وكل منهما يحاول ان يتمسك باهداب حياة تفر من بين اصابعه.مرة اخرى العنف بالسخرية بالدموع بالضحكات في طبخة لا يمكن ان يتقنها الا احمد والي وهي مسك الختام حقا.
تحياتي للقراء جميعا وتحية خاصة وشكر خاص واهداء خاص للدكتورة ايمان!!!من ساعدني على سبر اغوار النص بتعليقاته الثرية واسئلته اللماحة وحواره المفيد
شكرا يا دكتورة جزاك الله خيرا
اسامة
زغرب
13-9-2006


اطلعْ يا حسين برّدْ نارها


محمد القّفاص إذا رأيته فى محل إصلاح الدراجات الذى يفتتحه بأول الحارة لن تقدّر له عمراً يقل عن الثمانين حولاً لهذا الهيكل العظمى المكسو بفانلة ولباس فقط ، سيصيبك الذعر أن ترى هيكلاً ينحنى ويتحرّك ، يشحّم عجلة أو ينفخ كاوتش وكأنك أمام أحد أفلام الكرتون. ستصدق أن هذا العظم النابت فيه شعر كثيف ربما يكون فعلاً من بنى البشر حين تخرق أذنيك وآذان كل الحارة زفارة لسانه وشتائمه وسبابه … والنساء تمصمص ولا تستغرب ذلك عليه ، فجّده لأمّه وكذا أخواله أصل الزفارة … سماكين ولاد سماكين
وأبوه كان يعمل قفّاصاً ، فورث هو شغلته من أبيه الذى كان يتاجر أيضا فى الجريد ويصنع منه أسرّة وكراسى و أقفاص للطيور والدجاج ، فلما شحّ استخدام كراسى الجريد اقتصر على صناعة طاولات الخبز للأفران ، وعمل محمد مع والده حتى اشتد عوده فعمل موزّعاً للخبز بعائدٍ مجزٍ ، مع السيد الدكر وعبده ابن جليلة … ومن كثرة ما استخدام الدراجات فى شغله صار يفهم فى إصلاحها وسرق الخبرة من محمد الأخنف الذى كانوا يصلحون عنده ، واكتفى بتصنيع أقفاص الطيور وعصافير الزينة إذا لم يكن هناك زبائن للدراجات .

زوجته ابنة الشيخ عبد الرحمن المخاوى ، عانس فاتها القطار خوفاً من أبيها الذى يحضّر العفاريت ويخاوى الجان .
قيل كلامُُ كثيرُُ على سلوكها مع صاحب الفرن والفرّانين وموزعى الخبز ، لكن محمداً لم يلتفت لما يقُال وبنى بها على سنة الله ، لأنه كبير السن ويعرف قبل الناس أن الأفيون مصّ عافيته وهدّ حيله وكذلك أيام الشقاء وتوزيع الخبز فى عز البرد ، فلا تليق له واحدة من دور بناته ، عفاف المخاوى على مقاسه ، ولزفارة لسانه كان الناس يتحدثون عنها ولا تصل إليه طرطشة الأحاديث حتى جاءت للحارة كوثر التومرجية بمركز رعاية الأمومة ، أرملة ومعها طفلان ، تركت قريتها لأن إخوتها استعرّوا من عملها بالصحة وهم كانوا ولازالوا أصل العزبة ، قالت لهم اكفلونى وطفلىّ فتحمّلوها وطفليها شهراً وفى الثانى كلّوا وكلّت حيلتهم عيالنا أولى ، عينها نائب البرلمان بمكافأة شهرية حتى يتم تثبيتها ، عندها إرادة صلبة وتعلمها الممرضة النوبتجية معها القراءة والكتابة والحساب حتى تستطيع يوم المسابقة أن تنجح فى الامتحان .

حين جاءت كوثر من شغلها أحد الأيام ورأت عفافا تجرى وراء صغيرها انجرْ من هنا يا بن الوسخة عاديك وعينك ماتشوف إلاّ كلّ جميل ولاتسمع أذناك أوسخ من كده مين اللى وسخة يامره؟ حبلنا فى الحرام ورحنا فرّغنا فى الدرا ولا إيه؟ فاكرانى تايهة عنك؟ دا أنا اللى فاشخاكى للدكتور اللى فرّغك يا نجاسة ، أقول آخر أخبارك لحسن تكونى فاكرة إن الحارة عميا ولاّحاجة؟ اطلع لها ياحسين يابو طقارة برّدْ نارها ….
عند هذا الحد أدخلها الرجال بالقوة وأغلقوا عليها الغرفة التى تستأجرها عند نوال العاجزة [ كانت تشحذ فى شبابها ولما زادت ماليّتها وكبرت صحتها اشترت داراً من دورين وأجّرتها أوضة أوضة ودورة الميه اللى تحت مشتركة أما بتاعة الدور الثانى فخاصة بها حتى لا يتلصص عليها أحد وهى عمياء [.

وبدأت الألسنة على قهوة أبو دراع تتكلم على عفاف وأبى طقارة ، ودائماًُ هناك فاعل خير ، ذهب لزوجها فى مجموعة وقالوا له الناس بتتكلم يا قفّاص وما يصحش نبقى معرصين فى الحتة ، يعنى لازم تحط حد للكلام يعنى ، ولاّ تلم مراتك يعنى ….
مرتى ملمومة ومحترمة يا حارة مناجيس … اللى فى رأسه بطحة يحسس عليها ، هو اللى فيكم هتجيبوه فى النسوان الأطهار؟ …
خرج أبو دراع صاحب المقهى المجاور لمحل العجل وسحب القفاص وجاب له كرسى دخان وكوباية شاى على ميه بيضا على حساب صاحب القهوة يا خويا تقولشى أبو الرعاش … انهد بقى واهدا …. اهدا يا أخى
هاعمل أيه ياعم إبراهيم ، طب تلاتة بالله العظيم أنا عارف العفريت مخبّى ابنه فين وحاطط خرا فى حنكى وساكت … همّا ساببين حد فى حاله؟ هوّا أنت يا راجل يا طيب سلمت منهم؟ بيقولوا كان حرامى بهايم زمان مع محمود اللومانى ودخلتْ طلقة فرتكت دراعه قاموا بتروه فى المستشفى وأنا عارف إن دراعك انقطع من سير مكنة الطحين لماّ كنت صبى ميكانيكى مع أبو عليوة وأبوك فتح القهوة دى - الله يرحمه بقه - بفلوس التعويض و اتنازلتم عن المحضر ، ما أنا عارف كل حاجة ، يقوموا اللى فيهم يحطّوه فينا؟ لأ ويشهدوا كمان مع المرة الغريبة ويقولوا بتربّى فى أيتام وعفاف غلطانة ، طب علىّ الطّلاق ما هسيبها إلاّ ما أخلى عفاف تتف على بتاعها ، أنا ما عملهاش علشان الحكومة بتحامى للنسوان وتكسس لهم .

ولم تمضِ أيام إلا ويعلو فى الحارة صراخ وتصويت ونلاقى القفاص ماسك كوثر ومشلّحها لمراته علشان ينفّذ اليمين وإلاّ تصبح طالق…
كوثر صحتها حلوة ( بتاكل من أكل الدكاترة مش أكل العيّانين ) وفلقست عفاف وإذا بالتصفيق والضحك والتهليل … عفاف لابسه جلبيتها سحو علشان تكون مستعدة على طول ( ماهى بنت كار ) واهتبلت كوثر الفرصة وهات يا بصاق .

شهر وليس لرواد مقهى أبودراع أو الفرن إلا حادثة كوثر وعفاف ، وفى يوم والقفاص قاعد على القهوة بالفانلة والكلسون كالعادة وحاطط رجل على رجل ومبسم الجوزة لا يفارق فمه إذا بمنصور الذى كان سائق أوتوبيس وطلع بمعاش كامل ( بشهادة معاملة أطفال ) والذى ينوى الزواج بكوثر وأحد مشاهير المتنصتين والفلاتية فى الحارة يحمل جريدتين طويلتين على قمة كل واحدة لباس داخلى كان أحدهما لحسين أبو طقارة والثانى لعفاف زوجة القفاص ، إذ كان منصور قد لمح من فوق مئذنة الجامع أبا طقارة وهو يضع السُلّم الخشب على حائط غرفة القفاص بالدور الثانى فتسحّب وفتح الباب الكبير وصعد السلم حافياً وبحذر شديد وأخذ معه قُفلاً وهُبْ أخذ الهدوم واللباسين وأغلق عليهما عرايا ونزل بالجريدتين للقفاص …
عايزين نعمل بالجريدتين دول على اثنين من عندك قفص لفرخة وديك نحبسهم فيه … وللاّ أقولّك علّق دول على سطح أوضتك واعملهم علم
وقبل أن يشبّ القفاص من فوق الكرسى كان صوات الحريم فى الحارة يرجّ أبواب السماء . حسين نط من شباك الأوضة وملكفت نفسه بملاية سرير القفاص ، كان يريد الهرب فانكسرت ساقه ، وناس لما عرفت تضرب بالشباشب والصُّرم وناس تقول الرحمة … الإسعاف يا ناس حتى أسكت طنين السيارة الخلق فأفسحوا لها ، وهكذا مضوا به للمستشفى عارياً إلاّ من الملاءة وأمه العمشاء تنادى على المسعف وهى تدارى عينيها من صهد القيّالة والنبى يا ابنى الله يسترك استنى لما أجيب له فانلة ولباس يستر نفسه …وهمّ يضحّك … وهمّ يبكّى ، أما عفاف فقد كسرت باب الغرفة والناس مشغولة بحسين وراحت دار أبيها تنتظر ورقة الطلاق ، لكن لم يطل بها الانتظار فقد أتى القفاص للصُلح إذ وجد من يحدّثه عن التوبة وأن رابعة العداوية إمامة المتصوفين كانت أكتر من كده ثم العيال دول مين يغسل لهم هدمه ولايقدر على تربيّـتهم ، هوّ أنا فىّ حيل لكده ، ولاّ معايا مليم لمرة تانية؟ ماكلّ النسوان ملّة واحدة وصنف الحريم واحد وكل مرة بتغلط ، ومين فينا اللى سليم ، دا أيام بنقضيها … ورسالة… أمّال ، هىّ مش تربية العيال دى رسالة برضو؟ وبعدين والله العظيم حسين كان بينزّل حطب لأمه علشان الخبيز وماله دعوة بمراتى ، هوّ يقدر يبص لها؟ دا أنا كنت آكله بسنانى أكل …
كان يتحدث لمحمد الترزى الذى غادر دكانه لما انفتح موضوع التنصّت شباب البلد باظ يا قفاص ، معدش وراه غير فلانه انمسكت مع فلان …
وكانت تلك بداية الخيط الذى أمسكه القفّاص لينهى إليه من بعيد ما حدث ، وليبعد الظنّ السيئ عن زوجته ، ويضع العيب فى الناس اللّى معدش وراها غير فلانة مسكوها مع فلان


Tuesday, September 12, 2006

قصتين في قصة
ويبدو ان احمد اراد قرب النهاية ان يعطي القاريء هدية مستلهما الواقع الاستهلاكي الجديد!!!ماشي ياعم احمد مقبولة منك


أربعة منحرفون على رأس الأقرع يبولون
وأبو حسن يستعير عبارة مش بإيدى


حدث فى السنين الأخيرة انحراف فى ظاهرة التنصت ، فقد كانوا فى الزمن القديم وإلى عهد قريب يتنصتون بدافع الشبق وتأجج الشهوة ، أما بعد كثرة السفر للخارج وزيادة المناطق الحرّة وتلوين التليفزيون ثم زيادة قنواته لمائة قناة بما فى ذلك انتشار الأطباق ، فإن الجنس أصبح لا يمثل الهمَّ الأول لدى الشباب ( وهم عماد المتنصين وعمدتهم ) بل انصرف معظمهم عن الزواج ( وكثيرُُ منهم بأموال أهله العائدين من النفط عليه وعلى نفقاته جدُّ قادر ) لكنهم بدلاً من ذلك ومن كثرة ما شاهدوا من أفلام العراة والجنس المفضوح أن اتجهوا للمخدرات ولخلط أدوية الكحة والسعال مع الأدوية المضادة للهستامين وكل هدفهم أن يعملوا دماغ … خدر وتنميل وغياب عن الواقع .
وبالليل لم يعد التنصت همّاً بل ربما صار مادةً للمزاح وتزجية للوقت وشغل الفراغ .
ولم نسجل فى هذا الباب من حوادث إلا حادثين هما ليلة أبو هريسة وحادث أبو حسن عامل التحليل بالمستشفى الأميرى .

وأبو هريسة رجلُُ مصابُُ بالقراع الإنجليزى ، لذلك لا يرفع الطاقية عن رأسه إلا بعد أن يتلفت مائة مرة خشية أن يراه أحد أبنائه أو أحد الماّرة فى الشارع ، داره من طابق واحد ، غرفة وصالة من الطوب اللّبن وهى على قمة حارة اسمها العلواية … فالنازل والصاعد عيناه على سرير أبى هريسة ، وهو ذرب اللسان ، لايعُادى أحداً حتى لا يؤذى سمعه بشتمة واحدة ووحيدة ، تقضّ مضجعه وتطير النوم من عينيه ( حتى أنت يا اقرع؟ )
كان والده تاجر أقطان على الضيّق يجمع من الفلاحين بقايا كبار التجار من الجَمْعة الثانية ، أو الذى يشتُّه الأطفال من الحطب الهندى المقطوع والذى يُعدّ للنقل إلى أسطح المنازل حيث يستخدم وقوداً أثناء الخبيز ، وهو لا يملك المال الذى يدفعه للزبائن ، لكنه ربما كان هو وأبناء حرفته آخر فلول المقايضين من زمن الفراعنة حتى الآن ، فكان يفرش صوانى الهريسة ولا يزن ما يبيع أو يشترى وإنّما يقلّب بأصابعه الخبيرة فى حجر الزبون ليختبر الحجم والنوعية ومدى النظافة والخلو من العفش وبقايا ورق القطن الناشف ، ثم يقدّر حجم قطعة الهريسة وفصال صغير وكلمة من هنا وأخرى من هناك تتم الصفقة .

فلما انكمشت تجارة الأقطان بعد التأميم بقيت له الهريسة كصناعة ، واحتفظ للأبد باسمه الحبيب إلى قلبه عم محمد أبو هريسة فهو أفضل كثيراً من عمك محمد الأقرع … تاجر القطن يا جدع؟ … بتاع الهريسة
وفى إحدى المرّات التى فتح فيها موضوع التنصت بدكان الترزى ، ولماّ كان الشباب قد أصابهم الملل ، اقترح أحدهم ياللا نصنت على أبو هريسة؟ وهُبْ وبشويش صعد خمسة من الشباب حارة العلواية بعد أن لعبت برأسهم الأدوية المخلوطة وكذا البيرة … كان الرجل عارياً وكانت زوجته بقميص شفيف مشلوح ويغطّون فى نوم عميق ، ويبدو أن الرجل رغم انتهائه من الفعل ترك سلاحه فى الغمْد … كتموا ضحك الخفيف منهم وأبعدوه ، ثم اقترح الأربعة اقتراحات شتىّ ، لم يجد قبولاً واستحساناً لديهم إلا اقتراح خبيث يا لّلا نشخ عليهم؟ …. وانطلق تيار الماء من أربعة فحول على العرايا ، أح … أح … . ثم تقليبُُ فى الفراش ثم يا أولاد الكلب يا أنجاس وعلت الضحكات والدبدبات من الشباب والهرج فى الحارة ثم الهرولة والصراخ من منزل الأقرع الذى عطّله عُرْيه عن الخروج سريعاً ليمسك واحداً يقوده لبقية الخيط لو حصل ومسكت واحد لكنت وضعت رجلى فوق رقبة من خلّفوه ولن أتركه إلاّ فى النيابة
أسفر الحادث عن تغيرات بسيطة فى الحارة ، فاشتدت الرقابة وتم شراء لمبة مائة وات ثم تقلّصت الرقابة رويداً رويداً وهبطت حدّتها وبدأ الخلود للنوم العميق ، لكن أبو هريسة لا يترك المسألة لكلام الجيران من أنهم لن يعودوا ولايستطعيوا التكرار لأن العيون يقظى والعقاب سيكون صارماً ، أقفل الشباك المطل على الشارع بالطوب ، الشباك الذى يمثل مصدر الإضاءة والتهوية الوحيد ، واكتفى بنقله على الجانب الآخر من الغرفة حيث يفتح على منور ضيّق بينه وبين زريبة عمّور الجّزار ، وعلى العموم رائحة الروث أو لدغ الناموس أهون عنده من كشف الأعراض وأن يغدو عُرضة للفضيحة والجرسة ، طبعاً وهل للإنسان شئُُ يستحق الحفاظ عليه أكثر من العرض والشرف؟

أما الحادث الثانى الذى يُعدّ انحرافًا عن هدف التنصت فهو يخص انحرافاً مألوفاً ولكنه يحظى مع ذلك باستبشاع لدى جمهور عريض من الناس ألا وهو موضوع المثلية .. فأن يكون هناك من يحب ممارسة الجنس مع نفس النوع فهذا بشع لدى الكثيرين ، أما الأكثر إثارة للاندهاش والاستغراب فهو التنصت عليهم ، لكنّا نستطيع أن نلتمس للمتنصت عذراً إذا عرفنا أن المتنصّت هنا لا يسعى إلا للتفكّه والتندّر ، فالموضوع فى النهاية مجلبة للضحك والحواديت وتزجية أوقات الفراغ ولاتشوبه شائبة شهوة أو شبق اللهم إلاّ شهوة الفاعل والمفعول .
اكتشف أحدالأولاد وهو نائم أن أخاه الأكبر وزميلين له يأتيان رجلاً يعمل بقسم التحاليل بالمستشفى ، هو الذى يوزع الأكواب والجفان المعدن المرقومة ويقود المرضى لدورة المياه حيث يحصل منهم على العّينات ، ومن هنا كانت عيناه الثاقبتان الخبيرتان تعودان عليه بالصيد الثمين .

ولمح الفاعل أن اللحاف الذى يغطى الولد النائم يتحرك ، فانكمش عضوه حرجاً من المراقبة … شخر صاحب الدار وأخ الولد النائم ، فلكزه رفيقاه الواد فى سابع نومه ،بلاش حجج ، أنت اللى مش قادر توقّف بتاعك عشان صغير نحّوه وأخذ دوره آخر .

كان الرجل يدُعى أبو حسن وهو لا متزوج ولا أنجب ، كان يضع أحمر الشفاه ويزجج الحاجبين ويحفف الصدغين ويضع مكان الثدييْن بالونتيْن من النوع السميك
وكان يصرخ ويئنّ كالنساء ويتوجًع بالراحة يا ابن الكلب ، حرام عليك ، والله لا كتب فيك بلاغ فى المركز ، هاكتب بلاغ للشاويش حامد … هاقول شرمنى وتلك كانت قمة النشوة أن يظن الفاعل أنه فاتك جبار مما يستدعى شكايته فى الشرطة .

كانوا إذا ذهبوا للمستشفى لزيارة زميل أو طلب علاج أو عمل فصيلة الدم للبطاقة يعرّجون على المعمل ويغمزون ويلمزون لأبى حسن هنشتكيك للشاويش حامد … هنشتكّف … هنشتكأح فيجرى خلفهم بالممسحة ، لكن أحداً لا يساعده فى القبض عليهم أو زجرهم ، لأن الجميع يعلم أنهم ربما كانوا من زبائنه المشاكسين ، وياكم أوقعه زملاء له فى المهالك فيترك المستشفى وينتقل لآخر فتسبقه سيرته ، ويستدرجه الجّدد ليضحكوا فى النوبتجية ، فإذا كان فى وضع الراكع وضعوا فى إسته الشطّة بدلاً من ذكورهم ويتركونه فى المخزن يصرخ من النار ، فإذا هدأ واصطلح معهم أجاب عندما يسألونه لماذا لا تتوب؟ ربنا ما يحكم عليكم مش بإيدى ليذكّرنا بزوجة سعد أفندى .


Monday, September 11, 2006

الى الصديق الغالي عصمت النمر والاخ العزيز د. ايمن و الاخ الاكبر د. سعيد
مع خالص التحيات

ايضا الى الدكتورة ايمان مع خالص التحيات مرة اخرى

ونعاود اللقاء مع العنف في قصة تخلط كالعادة الجد بالهزل بالمأساة
وارجو الا تجد بعض النسويات في القصة تجريحا في انوثة المرأة وايضا الا تقرأها بعض الباحثات عن معارك دونكيشوتية بوصفها حض على الختان...وكفانا اختلاق معارك من فراغ
.....

عشان النيك يا أستاذ


كانت الداية أمام عتبتها تتشمّس وتنسف الأرز عندما وقف أمامها ظلُُ طويل فرفعت عينيها لترى الجرم الهائل للأستاذ أباصيرى المهندس بالأشغال العسكرية والذى جاء من القنطرة مع كثير من المهاجرين ، وقف حائراً يبتلع ريقاً ناشفاً وكأنه تلميذ بليد أمام أستاذ قاسى لا يرحم … خير يا أستاذ؟ كنت يعنى يافندم … البنت امبارح … سيادتك كنت يعنى تطاهرينها … لكن أمها تقول … انه يعنى هناك شئ لم يقطع … وتخشى أن تكون الطهارة غير كاملة يعنى … ابتسمت الداية المجرّبة بسمة مشرقة أبانت سنيْن من الذهب … آه … دعا عشان النيك يا أستاذ… لما ربنا يكرمها بعريس تبقى تحس وتستريّح على طول … بدل ما يشرب لها حشيش أو يدهن على بتاعه دهان … آه … علشان تنبسط وهوّا ينبسط يا دلعدى ياخويا …
تراجع الرجل وهو يكاد يقع من جرأة المرأة ومن شدة الكسوف ، وهو كان معروفاً بشدة الحياء وأنه يذوب خجلاً من خياله …. وكان جارها مصطفى الُسنىّ فوق السطح مختبئاً بين أعواد الحطب فربما يلمح فخذها وهى تمد الساق أو تغطّى سمّانة الرِجْل إذا اخترق غريب بعينيه جلستها.

سمع مصطفى ما دار ، فانتشى لجرأة المرآة وظنها لحماً طرياً سهل المنال فبدأ يسعى لكن واخيبة مسعاه.
فقد مصطفى السنّى ذكورته فى الحرب إذ دخلت شظية فى قضيبه وأطارت رأس شيئه وأنُقذ من الموت بأعجوبة ، وهو يعمل بهيئة السلع التموينية ويحصل على معاشين كبيرين أحدهما من إصابة الجيش والآخر بعد أن سوّى حالته فى السّلع لكثرة ما حصل عليه من إجازات مرضية وكلما عاكسوه فى احتساب الأجازة صرخ فيهم أنا ضيّعت عمرى وشبابى علشان تقعدوا بهدوم مكويّة على مكاتب مكيفة
أطلق لحيته ولم يبق له من الزمن الجميل إلا شهوة التنصت وتتبع عورات النساء ، لا يُرى إلا على حواف الأنهار والترع يراقب النسوة اللائى يغسلن الهدوم والمواعين فى موارد الماء. واشتهرت عنه غير حادث وفاته واقعةُُ كان يراقب فيها امرأة تحمل حطباً وكانت روادفها الأبيض من النيون مكشوفة بفعل عود شبط فى ذيل جلباب زوجها الكستور والذى ترتديه أثناء الشغل فقد صار قديماً ولم يعد يصلح لزوجها أمام الناس ، فلما دنا السنى بعينين مشوشتين من صهد شمس الظهيرة ندم لمتابعتها ظناً منه أنها رجل ( وكانت جديلة شعرها تختفى أسفل كومة الحطب ) فتراجع فى السعى ولكن عندما أنزلت الحطب أمام دارها المطلة على النهر ونزلت تغسل قدميها كاد أن يشق هدومه من الحزن إذ أبانت الجلبية الكستور القديمة عن أجمل الأفخاذ وأكثر السيقان فتنة ، فلما نظرت لقسوة ظله فى الماء ، ارتدع بعيداً وراح يطعم السنارة التى يحملها حجة ويختلس النظرات .

فطنت لسوء نيته فانصرفت مغضبة تلوك كلاماً اشتمّ منه أنه شتائم مقذعة … فلما همّ بمتابعتها فقعت بالصوت الحيّانى فالّتم الناس وصارت فضيحة بجلاجل .
من سوء طالع مصطفى أن منزل كان يجاور مسكن الداية ، تلك الأرملة الفاتنة والتى كانت تعمل بجوار شغلتها مفتشة لمركز الشرطة إذ يستعينون بها إذا أخفت امرأة قطعة مخدرات أو ذهب مسروق بفرجها فتفتّشها ، وكانت تتصف بالجدعنة ، فياكم أنقذت نساء من المؤبد وياكم سمع من الناس عن جمال جسدها العارى ثقب فى عرش دارها المسقوف بالخشب ثقباً (وهى بالخارج) وكذا بالحمّام وغطّى الثقبيّن ليّراها بالليل وهى وحيدة على فراشها تتقلّب أو فى الحّمام عاريةّ تستحم .

وبدأ يلسّن عليها ويظهر من جسدها علامات ، ربما ليبيّن للناس أنه تربطه بها علاقة ويبعد عن ظنهم حقيقة مصابه فى ذكره ، ولأنها تعلم أن المرحوم زوجها كان محترماً لا يتحدث عن أسرار بيته ، ولأنها فطنت لسوء نظرة مصطفى ، بدأت تشكّ فيه ثم راقبته فلما تأكدت خلعت له عارية فى الحمام ليلاً وخرجت ليظن أنها نسيت الفوطة أو الصابونة فبقى منتظراً يتلمظ وهى ارتدت الجلباب الأسود متأكدة أنه عند سماع دبيب القدم سيختفى بكومة القش فوق سطح منزله فأحاطت الكومة بالكاز وأشعلت النار وهرولت للشارع فلما شب الحريق بدأت فى الصراخ … تفحم جسد مصطفى الذى لم يستطع أن يخلص نفسه من براثن النيران أو ربما استسلم لقدر لا يرحم والشرطة سجلت الواقعة على أنها حادث وقع مصادفة .


Friday, September 08, 2006

عن العنف البنيوي الكامن والذي يتحول الى تيار كاسح في لحظات معينة يتكلم احمد والي في لوحة تنبؤية تحذيرية
تتجاوز الخطاب الانتحاري السائد الذي يرفل في ديباجات الكلمات الكبيرة ويتسربل بالالفاظ الخاوية من المعاني ليتنتج افرادا لاهم لهم الا التدمير لعدم قدرتهم على البناء ويؤكد مرة اخرى من خلال عين الفنان التي تلتقط الاحداث بدقة وتعيد تركيبها مونتاجيا ان الاقدار تسخر دائما في مرارة وقسوة من كل الانتحاريين!!!!

و اما الزبد فيذهب جفاء

العنف وما العنف....
قصة عن العنف الشديد

لأن بلدنا الصغير هجمت عليه الحرب فامتلأت دوره بالمهاجرين وأصبحت حتى العشش مكتظة باللحم البشرى فقد زادت ظاهرة التنصت ، لأن ظاهرة النسل والتناسل تزيد أيام الحروب كما يقول علماء النفس.
ولأن النفوس كانت مكسورة فقد كان رد فعل المتنصّت عليهم يتّصف بكثير من العنف ، وآه من العنف الصادر من ذوى الكرامات المجروحة والعورات المفضوحة وخوفهم القاتل من أن يصيروا أحدوثة على ألسنة الناس ( طبعا أصبحوا وأمسوا أحدوثة الأحاديث.

فهذا كاتبُُ كبير بمجلة متخصصة فى الطب والعلوم يرد على قارئ يسأل انه يخشى من ضعفه الجنسى حيث أن قذفه لا يبعد سوى نصف متر عن موطئ قدميه وهو يمارس العادة السرية فماذا يصنع؟ يرد الكاتب لا أظن أننا بحاجة لأمثالك لأننا لن نحرر الأرض السليبة بإيرك .

كان الناس جرحى ويتّسمون ببعض العنف ، لكن إذا كان دلق مخلوط البراز والبول أو الزيت والماء المغلى على المتنصتين بسيطاً ، فماذا نقول عن حادث إحراق السُّنى أو صلب الزوايدة لبائع جمال على نخلة ثم قطع قضيبه وخصيتيه ووضعها فى فمه؟
لولا الحديث عن العنف إذاً ، لما تطرقنا لحادثة خفير البنك التى ربما لا تخضع للتنصت من حيث القياس الدقيق وإنما تخرج لبند التلصص فالتربص والانتقام .

فالسيد خفير البنك الزراعى والذى يغادر كل ليلة قريته المطاوعة إلى البندر ليقوم بالحراسة يترك زوجته وطفلين صغيرين بعد أن يكونوا قد آووا لفراشهم وتكون بهائمهم تثغو شبعى ورّيانة فى الزريبة التى بخلف بيت من القرميد بُنى على أطراف القرية وتحدّه الأرض الزراعية وأمامه طلمبة ماء وتنيره لمبة غاز حتى يتم الصلح مع الزراعة فيتسنى له إدخال المرافق من ماء وكهرباء وصرف ( بارك الله فى حكومتنا الراشدة الرشيدة التى مدّت خدماتها للقرى فأصبحنا مثل سكان جاردن سيتى نستخدم الصنبور ونشاهد الفيديو فى المقاهى ).

ولأن الدار بعيدة بالأطراف ، ولأن الطبع غالب - وديل الكلب ما ينعدل لو حطّوا فيه ميت قالب - فإن رسمية زوجة الغفير كانت تغازل ولداً اسمه مكاوى لم يوافق والده على الزواج منها لأنها ابنة بدوٍ رحّل يعيشون فى الخيام وعلى الرعى ، فلما تزوجها الخفير كان مكاوى بالجيش يمضى فترة التجنيد.

بدأ يتردد عليها فى الإجازات وبعد أن ينام الأطفال ويذهب الخفير لحراسة أموال الدولة والناس ، وكالعادة يكون الكلام همساً فتصريحاً فصراحة وبالفم المليان مع السيد مرتك ريحتها فاحت ، لمّ عرضك ، يا تطلقها يا تشوف بلد تانية ، إحنا مش معرصين …
وهكذا بدأ الخفير يترك الدرك ليراقب ويتلصص ، حتى كانت تلك الليلة التى خرق أذنيه فيها حديث زوجته وغنجها للغريب ، كسر ضلفة الباب فهرب العاشق من فوق السطوح وأخفته عن العيون حقول الأذرة فأيقن الخفير أن غريمه أفلت بجلده فعاد إليها ، فهى التى فتحت له الدار قبل وركيْها وليس الذنب ذنبه .
أمسك بشيئها وبمطواة قرن غزال قطع من لحمها كيلو مثل شيلوك يهودى شكسبير الأشهر لكن خفيرنا لأنه شرقى غيور لم ينتظر حكم العدالة فنفّذ ، ثم أرسل ورقة الطلاق .

بيدين مكبّلتين فى الحديد جلس أمام وكيل النائب العام يحكى وعن الأسئلة يجيب لوكنت قتلتها لاستراحت … أريدها أن تتعذب ، وكلما ذهبت لدورة المياه تذكرت … عمرها يابيه ما هتفتح وركها لحد تانى بعد كده …
أمضى الخفير سنين العقوبة بالسجن وهو منكسر النفس مستريح الضمير ، أما هى فقد تملّكها الهزال من جرّاء الحادث ولم يمضِ عامُُ إلا وكانت فى مقبرتها مستريحةً كما لم يُردْ لها الخفير.



Monday, September 04, 2006

المتصنتون لهم قوانينهم وهم لا يحبون الطفيليين ....ما السبب هل لتنافر الاقطاب المتشابهة وخاصة لو اعتبرنا ان التصنت تطفل من نوع خاص؟؟؟؟


راس عايزه القطع


كان توفيق ضيفاً ثقيلاً على زملاء المقهى … فلو كان بخيلاً وخفيف الظلّ إذاً لاحتملوه ولكن بخله كان يصل حد النتانة …. يتخيّر الحلقة التى يتلاعب فيها فريقا الدومينو أو الطاولة ويسحب كرسيّاً ثم يضع فخذاً على فخذ ويهز الساق الأعلى بعد أن يسحب سيجارة من علبته المارلبورو البيضاء ولا يعزم على أحد من الجلوس ثم يطلب على حساب أحد الحضور أغلى المشاريب المسموح بها بيرة مثلجة والأشد مدعاة للغرابة أنه بعد ذلك يتشيعّ للفريق الآخر …. قررّوا مرةً أن يتأخروا عن موعده فى الحضور ليطبّوا عليه فجأة حتى يطلب لهم على حسابه لكنه أفلت … سأل النادل أين الشباب؟ لم يحضروا بعد فشد الرجال ومضى … حتى كانت تلك الليلة التى فُتح فيها موضوع خناقة الإنسان منا ليلة تنصته مع الشيخ عبيد الزملكاوى المتعصب والذى كان يؤثر أن يحضر مباراة الأهلى والزمالك فى مقهى أولاد عرّام وهى التجمع الوحيد لمشجعى فريق الزمالك بالبلد ، فلما تأخر لظرف طارئ آثر ألا تفوته لقطة من المباراة ، فسحب كرسياً وسط الحضور على مقهى هنيّة ونسى نفسه لما سجل الزمالك هدف المباراة الأول ، صرخ الله … إيه الحلاوة دى ، شفتم الجون؟
وكلمة من هناك شفت ازاى يا أعمى؟ انا أعمى يا أعمى البصيرة والقلب؟ وكلمة من هنا وشتمة من هناك انتهت المعركة بفتح رأس الشيخ عبيد وضياع عمامته بعد ضياع كرامته . وتقرير طبى وبلاغ بالمركز ، فلمن توجه عبيد بالاتهام إذاً؟
التقطت أذناه صوت الإنسان منا فحسبه المعتدى ويريد أن ينتقم للحادث القديم حادث التنصت .
أسبوع وروّاد المقهى ليس لهم إلا أخبار البلاغ والتقرير وأخيراً محضر الصلح ليمتد الحديث لحادث التنصت القديم .

ويلتقط أحد الموتورين من توفيق الخيط ، لمّا علم أن أباه كان عمدة من أعمدة المتنصتين ففى ليلة مطيرة من ليالى أمشير كان والد توفيق عائداً من عمله بالمدينة المجاورة … وكان قطار الليل الأخير قد تأخّر لحادث بشع راح ضحيته غفير مزلقان طيّب من بلدنا وأمضى بقية عمره بالسجن حتى وافته المنية ،إذ فتح بوابة المزلقان أمام سيارة مصفحة كانت تقل أحد عشر من قادة الجيش اهتزت فرائصه لما رأى أزبليتات أكتافهم وهم يسألونه باقى كثير على القطر؟ فتح التعيس المزلقان إكراماً للُرتب وخوفاً من تعطيلهم فاكتسح القطار السريع أشلاء السيارة والجثث المبعثرة على القضبان ، وهكذا تعطل الطريق حتى تنتهى التحقيقات التى انتهت بتشريد أولاد الغفير بعد موت عائلهم فى السجن .

كان والد توفيق أحد العائدين فى ذاك القطار … وقبل أن يدلف للحارة التى بها يقطن ( قبل أن يبنى توفيق منزلهم الجميل من مال الإعارة ) تناهى لسمعه مواء وفحيح أنثوى يُنسى التقىّ موعد الصلاة وأنسى الرجل الحادث البشع ، اندهش من فحولة صانع الحصر العجوز محمد عاشور الذى تجاوز السبعين والذى اصطحبه أكثر من مرة ، لصلح زوجته و أعادتها لعش الزوجية ، كانت شكواها التى لاتتبدل كثرة الحموم وأبو توفيق طيّب وعلى نيّاته وماله ماالنظافة حلوة ياحاجة فضحكت المرأة ودارت بطرف الشاش أسنانها ففطن الرجل … وهو فى طريقه للمنزل يتساءل معقول؟ حتى دخل فى التفاصيل فلم يعد غريباً ، وأخوها أخبره أنها ذهبت للطبيب أكثر من مرة بيدهن بتاعه يا أبو توفيق … هيمّوت الولية … أمال ساب إيه لعياله؟ وهو لايدرى أنه بذلك يقتل أبا توفيق قتلاً ، فمشاكله الغالبة مع زوجته هى غيرته الغير مبررة ( عندها وعند أهلها ) على الفاضى والمليان ، لكن تبريرها عنده ، فقد أحيل للتقاعد من زمان [ يهذر مع أصحابه عندما قالوا إن المشاركة فى شيل نعش الميت تُدخل الجنة … أنا داخل داخل … دا أنا شايل ميّت من عشرين سنة ]
احتال على عاشور حتى استعار الدهان ففشل فشلاً مروّعأً ، فلما ألقت إليه السماء بذلك الفحيح الأنثوى تلصص علّه يكتشف خبيئة الرجل ، فالدهان لم يفلح معه …. وهكذا انحشرت رأسه بين أعمدة الشبّاك الحديدية … وعاشور كان قد أغلق الشيش أكثر من مرّة لكنه لم يكن أقوى من ريح أمشير … عندما انتهى من نشوته وأحس برودة الحجرة كاد أن يصرخ من الذعر ، رأس آدمى محشور فى الشباك ويحاول جاهداً أن يتخلص من الأسر ، فلما أفاق الرجل من الخوف أدرك المسألة وهات يا ضرب دون أن يعرف مَنْ صاحب الرأس ، وكلما زاد الضرب زاد تورّم الوجه فاختفت المعالم وتعذر ملص الرأس المحشور من بين أعواد الحديد ،والحاجّة نفيسة التى لا يغلبها أحد فى الزغاريد والتى يطلبونها فى الأفراح ومواسم النجاح لتزغرد ( كانت ترفض زيارة الموتى والمقابر ) لم يغلبها أحد تلك الليلة فى الصوات الحّيانى الذى يوقظ الحجر قبل البشر .

فى عز البرد كانت البلد مقلوبة ، ناس تطيّب الخاطر وناس تندهش من فحولة عاشور وآخرون مندهشون من طفاسة أبوتيفة الذى أوشك على المعاش ، وأقل القليل كان يفكر ليس فى المركز أو المصالحة ، إنما فى كيفية تخليص رأس الرجل نجيب خليل حداد المسلح ، عنده منشار حديد… ياعم حديد إيه … دى الراس اللى عايزه القطع وصارت فضيحة أبوتيفة على كل لسان ، واشترطوا عليه أن يعزّل من الحارة ويبحث عن مطرح آخر وفعل …
كان توفيق صغيراً لكن حادث خروجهم من الحتّة وأسبابه لازالت مطبوعة فى ذاكرته .

إذا جاء توفيق وأرادوا التخلص منه ينكش أحد الحضور موضوع التنصت فاكر يا سرحان لما صاحبك راسه انحشرت فى الحديد يوم ما كان رايح يبص على وراك نجلاء؟ فيتذرذر سرحان لذكر أفخاذ الحُب الأوّل هكذا بفجاجة ثم يهدد بالانسحاب ، أما الذى ينسحب فوراً فهو تيفة طبعاً .


Friday, September 01, 2006

هذه القصة اهداء خاص الى الصديق المدون قلم جاف
وعندما يقرأها سيعرف لماذا؟؟
تحياتي


خصاوى مُدلاّه … أثناء الصلاه


سُجّلت واقعة واحدة ووحيدة عن المتتبعين عورات الرجال … ولم يك بها قصدية الرؤية أو الانتشاء ولا دافع الشبق ولا جلب الفكاهة ، إنما نوع من إذلال الكبار وكسر نفوسهم … دائماً يشخطون وينترون ولا يعجبهم العجب .

والفلاحون دائماً مصابون بسلس البول من جّراء البلهارسيا واحتقان المثانات ، وشيوخ المساجد نصحوا المصُاب أن يلف قضيبه بقطعة من القطن ليحتفظ باقى جسده بالطهارة التى تليق بمقابلة إله أثناء الصلاة ، فاستسهلوا خلع الألبسة الداخلية المبتلة بالنجس فى ركن من المسجد ريثما يفرغون ، فجمع صبّى ألبستهم واجتمع آخرون بعصىًّ فرفعوا نهايات الجلابيب لتظهر أرداف وخصاوى الرجال المدلاة أثناء السجود ، ولم يجرؤ واحدُُ على الالتفات أو إفساد الصلاة فأكملوها عرايا ، و أسرّوها فى نفوسهم خشية إن حكى أحدهم أن يكون هو الوحيد فيصبح بذلك معّرة له ولأسرته وأبنائه من بعده ، فغيرّوا الصلاة فى هذا المسجد بحجّة أسقطتها لهم السماءُ على غير انتظار ، إذ تبرّع ثرىُُ من الإمارات العربية بفرش المسجد بدل حصير السمار بقماش يُقال له الموكيت ، مستوردُُ من الولايات المتحدة وله ماركة اسمها ماك كان لها إعلان بجهاز التليفزيون يقول ماشية معاك ، عندك ماك ولأن الخضرة رمزُُ للخير فقد كان لون الأرض أخضر فاقعاً كحقل من البرسيم مما دفع أغنام ومعيز الهادى الغنامّ وأثناء عودتها من المراح أن دخلت المسجد لترعى …
ترك الناسُ الصلاة فى مسجد مسكون بجنىّ كافر يعرّى المصلين ويفضح عوراتهم دون أن ينبس أحدهم بما وقع بل قال الجميع : كيف نصلى فى مسجدٍ انتهكت حرمته الأغنام؟ .