1- البن البرازيلي
افتتاح على الصباح
ايجور براتوش
البدايات و شغف القراء بالبدايات. كل ما يتبقى لا يهم. قدرية البدايات , بدايات، بدايات ،بدايات . بدأ اليوم بشكل جيد جدا . 7:12 صباحا , بشكل مشجع. كانت الطيور تغرد منذ ما لايقل عن ساعة ونصف و تحوم في الفضاء ربما بسبب الاحلام . بدايات. هوة البدايات . فرض البدايات على المؤلف. حسنا دعنا نشبع هذا الوله!!
كامبوس اليزيوس( الحقول المقدسة بالبرتغالية – المترجم) افقر منطقة في نطاق نوسا سنيورا دو بيلار (سيدتنا التي ظهرت في بيلار- المترجم) وهو افقر نطاق في مقاطعة دوق كاشيوس و هي افقر مقاطعة في محافظة ريو دي جانيرو ، تغرق في وحل العواصف الصيفية . تقودنا حوار خشبية ضيقة الى خارج عتمة الصباح الضبابية التي تطل منها عشرات الاكواخ القميئة ، و تتجمع معا في الطريق الوحيد غير المعبد المتعرج عبرالبلدة. يسير جواو انطونيو في احدها . ومثله مثل كل رجال القرية يستيقظ مبكرا. ففي الرابعة من فجر كل يوم يحملهم القطار العجوز المتهالك الذي اشترته الحكومة مستعملا من الالمان في عام 1937 الى العمل في ريو التي تقع على مسافة 80 كم.
العمل في مخازن البن قاتل. و الاجر قليل بفظاعة. وقد اثبت الزمان ان هذا العمل مقصور على او بوفو دي ديوس( الفقراء الى الرب- المترجم) و هم سلالة من البشر ذوي البشرة الداكنة يحملون غضبا متحجرا في مقلاتهم و يجولون في شوارع المدينة يوما بعد يوم الى ان يختفوا في ضواحيها الخانقة . و يسميهم البعض بدون اية سخرية مرة و بلا خجل الاشباح و هي تسمية لا تبعد كثيرا عن الحقيقة.
محني الظهر تحت وطأة الاجولة الثقيلة و التي تزداد ثقلا مع مرور الوقت كان جواو انطونيو يتحرك بين معدات الرفع الثقيلة ذات الاشواك الضخمة و يرص الاجولة في نظام داخل الصناديق الخشبية الكبيرة. في التاسعة بدت الاجولة اثقل من ضعف وزنها المعتاد ، كما لو كانت تلك الاجولة تمتص كل قطرة عرق يفرزها و تخزنها في قماشها السميك الذي تسطع عليه كلمة البن البرازيلي المكتوبة بحروف ذهبية كبيرة.
ما تلى ذلك غير مهم : حول سائق شاحنة مجنون جواو انطونيو الى كومة متجانسة من اللحم الاسود، و وضع الجوال الملطخ بالدم في سفينة- واثناء ابحارها خبطت كرة من الصلب الخالص تحررت من مكانها اولاف و هو احد بحارة السفينة فعجنته بحيث ثبتت نظرته المندهشة على الفتحة المطلة على السماء الفسيحة في الاعالي و هو يرقد ميتا على الجوال الذي يحمل كلمات البن البرازيلي والذي تلطخ للمرة الثانية بالدم. وفي مارسيليا حمل الجوال الملطخ بالصبغة الحمراء الى احشاء شاحنة نقل ثقيل تحمل مقدمتها الحروف الفضية اللامعة
MACK
و التي فيما بعد طحنت ، في خضم حادثة سير ضخمة شملت عدة سيارات ، سيارة صغيرة بيضاء من طراز سيتروين ديان و عجنت سائقتها الشابة جوزينت و التي كانت قد امضت آخر لياليها في ممارسة الحب للمرة الاولى مع زميلها الوسيم جاك. ووصل الحمل اخيرا الى مصنع التحميص في ميلانو الميناء الايطالي . وللحظة صار الجوال الذي يحمل كلمات البن البرازيلي اثقل مما يطيق الملاحظ لوسيانو ان يحمل فسقط الاخير و تحمص مع حبات البن ذات الرائحة الفواحة.ووجدت حبات البن نفسها معبأة في اكياس زنة 1كجم مكتوب عليها كلمات البن البرازيلي . ووصلت كمية مطلوبه من هذه الاكياس الي دكان السيد ارنالدو كونتي في بلدة جوريزيا على الحدود الايطالية السلوفينية. تقوم ابنته الخلابة ادلين التي تعشق قيادة الفسبا الحمراءالتي اشترتها مؤخرا بمساعدة اباها في الدكان. وللاسف فبينما كانت ترص الاكياس على رف عال سقطت فأنكسر حوضها و انكسرت جمجمتها و صارت بين الحياة والموت و اصابعها متصلبة بشكل غريب على الكيس الذي يحمل كلمات البن البرازيلي . في الساعة السابعة و اثنى عشرة دقيقة صباحا ، فتحت الكيس المكتوب عليه كلمات البن البرازيلي و طحنت حوالي 250 حبة بن تكفي تقريبا لعمل كوبين او ثلاثة من القهوة. وقبل ان يغلي الماء حتى كنت قد رأيت بعيني خيالي الطريق الدامي الذي سلكته حبات البن الصغيرة الفواحة. و الآن عندما استقر الكوب بمحتوياته ذات الرائحة العطرة و التي اضفت لها القليل من اللبن الحليب على مكتبي و صارت الساعة السابعة و خمسة عشرة دقيقة صباحا سألت نفسي في تردد ما إذا كان لي ان اشربه بلا مبالاة –" كما لو كان كل شئ آخر لا يهم "- و ابدأ يومي بكتابة قصص قصيرة لطيفة.
5 comments:
الى خالد ويسري وايمان مع حفظ الالقاب
اسامة
أولا وقبل كل شئ شاكر على اﻷهداء
..ده فنجان قهوه تمنه غالى جدا..
بس المؤلف لخبطنى شويه لما دخل فيها البت اللى ماتت بعد ليله عشق..ثم فهمت والله أعلم أن حتى الحب لاينجو من آثار "العولمه"..
على فكره موضوع القهوه والبن ده موضوع ذو شجون..مثلا ستارباك شركه المقاهى اﻷمريكيه الضخمه..تشترى رطل البن من أتيوبيا ب٢دولار يعنى يصل المزارع اﻷثيوبى الغلبان دولار واحد على اﻷكثر..
يباع فى مخارجها بأمريكا بحوالى ١٤دولار..
اما لو بيع كفناجين قهوه يصل سعر الرطل ٢٢دولار
شوف اﻷفترا..
يوجد هنا بكندا محلات تبيع من ضمن ماتبيع البن من مختلف دول العالم الثالث وتعلق يافطه
Fair Traid
..بدلا من
Free traid
الحاجه فيها أغلى شويه من السوبر ماركت ولكننا نحاول بقدر اﻷمكان الشراء منها..
على فكره يادكتور أنا شخصيا كثيرا مايساورنى أحساس بالذنب ﻷنى وبالصدفه البحته أجلس قرب قمه سلسله الغذاء
Food Chain
وبشكل ما أشارك فى أستغلال فلاحي وعمال دول العالم الثالث..تمام كما الكاتب..تحياتى..وخالص مودتى..خالد
صباح الفل والهنا والسعادة اولا
ازيك يا عم الحاج خالد
على فكرة الجدع ده صحفي ممتاز وصديق عزيز وعمل مع اخوك حديث مطول لصفحة الادب في اكبر جورنال في سلوفينيا
طبعا انا بقول الكلام ده عشان تعرف ان اخوك واصل وان بترجم شيلني واشيلك\
الحقيقة ايجور كتابته جميلة بجد
ودي من احلى القطع وفيها جو بورخسي عنيف بيربط بين حاجات مالهاش علاقة ببعض
لكن في تدقيق النظر تلاقي خيط حقيقي ماسك الموضوع
وتنفتح قدامك عوالم متكاملة من الرؤى المتسعة
الف شكر يا ابو فارس
ومتزعلش نفسك اقعد براحتك
انت في بحر الظلمات
يا لطيف اللطف يا رب
دكتورنا الكبير
القصة دى فكرتنى بحاجات كتير
فكرتنى بفيلم "ذى ميكسيكان" لبرادبيت وجوليا روبرتس .. القصة مختلفة طبعا بس فيه نفس الجو اللاتينى اللاذع اياه
فكرتنى بتدوينة كتبها العبدلله من فترة
فكرتنى بنكتة الصعيدى اللى خبطته عربية ومات .. روحه وهى طالعة فى السما خبطتها طيارة!!
فكرتنى بأن شربى للكابتشينو والنسكافيه والاسبريسو والحاجات دى كلها ممكن اعتباره كنوع من غسيل الاموال
فكرتنى بحاجات كتير ولفت بيا بلاد كتير .. المهم انها عجبتنى
واخيرا شكرا جزيلا على الاهداء يا دكتورنا العزيز وهاروح بأه اعمل كباية قهوة باللبن علشان النسكافيه خلص
يسري الجميل
المهم انها عجبتك
المستدعيات الجميلة بتاعة سعادتك بتعمل نص موازي للنص المترجم
يعني قصة تانية
انا بحب القصة دي اوي لانها فعلا الجو البورخسي الشبيه بجو سعادتك فعلا
عارف انا فكرتني بقصة الصغير بتاعتك
يا ريت تفكر تنشر يا يسري بجد
اسامة
Post a Comment