لماذا يارب؟ … لماذا ياناس؟...
ماهر ومصطفى جيران منذ تفتّحت عيونهما على الدنيا ، الأوّل أبوه صاحب مصنع طوب وبلاط فهم من الأعيان ، والثانى أبوه مدير منطقة الأوقاف ، لاتزور الأسرتان غير بعضهما فهم أرستقراطية البلد ولا يختلطون بالناس الذين هم دون المستوى ، زملاء فى الابتدائى والاعدادى والثانوى ، على نفس الدرج يجلسان ، ومع بعضهما يذاكران فى بيت أيّهما ، فكلاهما واحد.
وماهر أحب مصطفى حبّاً جمّاً ، لا يلبس جديداً إلا إذا اشترى معه مصطفى نفس القماش واختار نفس الترزى ، كذا صانع الأحذية .
وإذا جاءت لأحدهما هدية من طعام وخلافه ، انتظر ليقتسمها مع رفيقه ، تفاح أمريكانى أو جوز ولوز من تركيا أتى بها أحد الأقرباء من الخارج ، فإن أحدهما يحتفظ لصديقه بحصته منها.
وكان ماهر يندهش من الأولاد الذين يحبون البنات ويرسلون لهن الخطابات ، لماذا البوظانُ وسوء الأخلاق وفى الدنيا شئ جميل اسمه الصداقة وصديق جميل اسمه مصطفى؟
وأولاد الشوارع شياطين ومولعون بالفساد والوقيعة ، اندهشوا لعدم اختلاط ماهر بهم ولأن مصطفى جميل الصورة مليح الوجه فقد ظنوا أن ماهراً يأتيه .
جُنُّ جنون ماهر لّما اتّهموا صديقه فراهنوه أن مصطفى أنثى وينام للعيال … وهكذا أحضروا ماهراً بدار أحد المشهورين يإتيان الصبيان وجعلوه يتنصّت على حبيبه ويرى بأم عينيه أولاد الشوارع يتناوبونه .
بكى ماهر وراح يخبط رأسه بحائط الدار حتى أدماه لماذا يا مصطفى؟ لماذا ياناس؟ لماذا يارب؟
فى الصباح التالى كانت والدة ماهر توقظه للمدرسة فقد تأخّر – ولبس الفتوة وحذاؤه يأخذان وقتاً أطول - فوجدت جسده بارداً كالثلج .
مات ماهر وما كان يشكو علةً ولا أصابه داء وكأنما لم يعد يطيق تلك الحياة التى بها أولاد شوارع شياطين مولعون بالفساد وسوء الاخلاق .
1 comment:
يا جمالك يا احمد يا صعيدي يا مثقف
مقارنة رائعة و دقيقة
ايه ياعم الحلاوة دي
Post a Comment