Monday, June 05, 2006


هذه المدونة مخصصة لنصوص ابداعية تعجبني هي على اسم ابني الاصغر مالك.قد اضع فيها نصوصا لي، أونصوصا لغيري لكنها اساسا ستحتوي على نصوص ابداعية وليس دراسات ولا نقد
التعليق سيكون نقدا لهذه النصوص سواء مني او من المعلقين

النص الاول الذي سأوالي وضعه هنا الى ان يكتمل هو مجموعة
"المتنصتون"للصديق الجميل الدكتور احمد والي ابن ههيا




مفتتح فى فضل الأذن على العين


إعلم عزيزى القارئ أن السمع والبصر من أجلّ النعم التى أنعم الله بها على الإنسان والحيوان والطير ، وعلماء الأحياء يقولون إن العصافير أولُ من يتنبأ بوقوع الكوارث من زلازل وبراكين وكذا الكلاب والخيول لّما تسمع ذبذباتٍ صادرة من باطن أمنا الأرض ، فتهجر العصافير أوكارها وتنبح الكلاب ، والخيولُ تحمحم كأنها فى ساحة الوغى عساها أن تنبه الإنسان للخطر المحدق والهلاك القادم .

ورغم أن الإنسان محدودُُ فى ملكة سمعه فهو كذلك محدودُُ فى ملكة الإبصار ، باستثناء زرقاء اليمامة التى رأت أشجاراً تتحرك ( كان الأعداء يتخفّون خلفها ) ولأن ذلك مخالفُُ للطبيعة والعقل فقد اتهموها بالخرف وليتهم ما كانوا اتهموها . فمحدودية السمع لا تقُلل من شأنه إذا كان البصر هو الآخر محدوداً ، وإذا تحزب أنصار العين على أنصار الأذن فقالوا إن الناس تغنى للعين فتقول يا ليل يا عين ولم تقل يا ليل يا أذن وتقول القلب ولا العين مين السبب فى الحب نرد عليهم بضربة معلم نحن المتحزبون لجلال الأذن وما قيمة الغناء لو كانت لنا آذان صمّاء؟
ثم إن الله فى محكم تنزيله وفى أكثر من موضع وعندما يصف نفسه قال إن الله سميع بصير و إن السمع والبصر والفؤاد أفلا ترى معى أنه وهو الخالق العليم بما خلق قد قدم السمع مراراً لما له من غلبة وفضل؟
والشاعر قال الأذن تعشق قبل العين أحياناً وقال إن الجدار له أذن ومن هذه الشطرة التى صارت مثلاً ستكون أهمية الكتاب الذى نحن بصدد تأليفه لكن وقبل أن ننسحب لصُلب الكتاب نذكر من فضائل الأذن أن الأعمى يسير وهو يرى بعصاه فإن تناهى إليه زمر سيارة تفاداها أما الأصم الذى يرى فلربما داسته العربة الطائشة فلا نفعه بصره ولا أنقذته وأنقذت نفسها عيناه ، ثم إذا علمت عزيزى القارئ أننى متخصص فى الأنف والأذن والحنجرة ولست بحكيم فى الرمد ، أفلا غفرت لى حبى للأذن؟
زيادةُُ وليس تزيّداً فى فضل الأُذن.

العين ترى بالواقع والأذن ترى بالخيال ، فإذا كانت الوردة بيضاء أو حمراء أو صفراء فهى كذلك ، أما إذا سمعت الأذنُ أن فلانةً كانت تمسك بيدها وردة فهى تختار من الدرجات ما يواءم حالتها وحالة حاملة الوردة وحالة السامع فهى أحمر قانى أو كابى أو باهت أو طوبى ، قس على هذا فى كل شئ … فى وصف الحديقة والشارع والغناء والشجى وأصوات النسوة ودلالهن وغنجهن ، ومن هنا كان المتنصّت ( وهو موضوع الكتاب إنشاء الله ) يسعى أول ما يسعى بالأذن وهو حين يتسمّع فإنما يرى بعين خياله وأداته فى ذلك الأذن والعقل طبعاً ، فإن أتيحت للعين فرصةُُ فلا بأس وذلك مما يحُمد لها ، ربما لإكمال الصورة ، وذلك لا يكون إلا قبل بلوغ لحظة النشوة التى يطلق عليها الفرنجة الأورجازم .

وكنتُ شرعتُ فى العمل بعد أن تخيرت العنوان وهو المتنصتون فحكيت عن المتنصّت عليهم أكثر من أصحاب العنوان ، لأن المتنصّت عليهم هم المفعول بهم ، وهم الحالة والموضوع ، وهم فى النهاية البشر والناس ، أما الفاعلون فهم واحد لا يختلفون ( وإن اختلفوا وتمايزوا فقد اتحدوا فى عرفنا بفعل واحد هو التنصّت ، فاختلافهم لا يعنينا هنا ) ثم جنحت نفسى لعنوان أكثر إطالة فقلت درة الباحثين عن أخبار المتنصتين فكان ذلك مما يضفى على دور الفاعلين أهميةً بما همم فعلة ويغيُب فى هذا المتنصّت عليهم كليةً ، أما العنوان الأول فقد قررت العودة إليه لما فيه من تفخيم أتت به واو الجمعة فجعلت للعنوان هيبة ، وينطوى هذا العنوان على دور المتنصّت عليه بالتضمين وهو يفتح للقارئ سرداباً سيحبّ أن يلجه ويفتش فيه عن كنز ،فياليته لا يخيب ، وتلك كنوزى وجواهرى فلا تجعلها يارب زجاجاً ولا بللوراً يلمع دون أن يكون ذهباً حتى لايحبط عملى ولا يضيع ثوابى وذكرى لدى القارئ وهو المبتغى .

ولقد حسبتنى سأحكى ما هو أشهى من العسل المصفّى وأرق من النسيم ولكن ما حيلتى وتلك خزائنى ، وما حكيت قليل من كثير فاخترت من الدست مغرفةَ واعذرنى يا عزيزى القارئ أتى طعمّت حكاياتى بكثير من العامية فللعامية أحكام كما للضرورة ، إذ هناك ألفاظُُ فيها توضّح وتلخّص وتبين ما تعجز عنه مفردات فصحى ،وليس هذا تحيزاً لهذه على تلك وإنما قصدت السلامة فى وصول الإحساس والشعور ونقل الصورة ، وإنى متخذُُ لك مثلاً بعنوان مش بأيدى يا سعد أفندى فيه ذلة المرأة وانكسارها وضعفها أمام شهوتها قدام شهوة زوجها ، ولو قلناها بالفصحى لفقدت معظم بل جلّ معناها ، فانظر ثقل اللفظة الفصيحة وحيادها ليس بإمكانى يا سعد أفندى أو خارجُُ عن نطاق إرادتى يا سعد أفندى .

دُلّنى يا من تحب الفصحى ولها تتحزب حقاً أو باطلاً ، أليس تعبير مش بأيدى أكثر دلالةُ ووضوحاً وجزالةً وتعبيراً؟ فانك تكاد تراها تقلّب كفيها ووجهها للسماء دلالة العجز وتعبيراً عن الضعف . ولولا أن العامية تؤدى دوراً تفشل فيه الفصحى لما اخترعتها البشرية لأن لكل شئ قيمته التى لا ينفع معها شئُُ آخر وصدق الشاعر إذ يقول لكلٍ مكانً لا يسدً اختلاله مكانُ أخيه ………… وكذا الشاعر الذى قال إن الجوهرة إذا وضعتها مكان العين لاترى …. فهى أشياء لا تشترى!

2 comments:

Ossama said...

يفتتح احمد والي مجموعته القصصية كما اسماهااو لنقل متواليته الحكائية كما افضل ان اسميها بالكلام عن افضلية الاذن على العين وفي موازنته تلك يستعيد مقابسات ابو حيان وامتاعه ومؤانسته حين يفاضل بين النحو والمنطق او بين علم وآخر
واحمد مثله مثل ابو حيان يفعل هذا بدافع مادي اولا فهو طبيب انف وأذن وحنجرة وليس طبيب عيون يفهم في العين و يفهم كمان في رموش العين كما يخبرنا عبد الوهاب في رصاصة في القلب
ولذا نجده (احمد وليس عبد الوهاب) يتحيز للاذن ويؤكد تحيزه باستعارة
شطر البيت الشهير واقتباسه
الاذن تعشق قبل العين احيانا
والغريب ان الشعر للشاعر الضرير بشار بن برد
ياقوم اذني لبعض الحي عاشقة والاذن تعشق قبل العين احيانا

قالوا بمن لاترى تهذي فقلت لهم الاذن كالعين توفي القلب ما كانا
نقول لاحمد اذن اخترت ان تستشهد بمن لن يتحيز الا لك ولكن ماذا بيدنا هو الحكاء وحكايته عن الآذان وهو الطبيب وهو ايضا طبيب اذن!!!والاهم انه يستطرد في استفتاحه و يأبى الا ان يعلمناانه سيستخدم لغة الحكاية لغة الشفاهة العامية بلهجة اهل بلدته ههيا التي هي من مراكز محافظة الشرقية في ارض مصر المحروسة
مرة اخرى يقول لنا انا من انصار الاذن خلاص يا سيدي عرفنا
ونحن معك يا حبيبي
والآن نحن على استعداد للحكاية الاولى المنتظمة في خيط هذه المتوالية الجميلة

Malek said...

د.احمد حضورك العطر يبعث البهجة في المكان ويثريه
ما اجمل هداياك يا استاذنا
ويارب دوم ومو بس يوم
مع الاعتذار للدكتورة ايمان حيث ان هذا من متعلقاتها
ولذا لزم التنويه
اسامة