Thursday, September 06, 2007

من مغامرات بيكي وارجو -ترجمة عن الكرواتية




مايا جلوشتشيفتش




كيف اكتشف بيكي وارجو اللص؟؟؟


- - لن افرط في بيكي ولو مقابل كنوز الدنيا!!!
- هكذا اعتادت العمة حبيبة ان تقول . و كانت تضيف دائما: لقد قابلت كل اشكال والوان الكلاب في حياتي ،لكن ليس من بينها من يشبه بيكي!!! هذا العزيز الصغيرالهجين بشعره الكستنائي الغزير ومنخاره المفلطح.
نعم ،هناك كلاب جميلة وذكية وربما اجمل واذكى من بيكي ولكن ليس من بينها من هو خفيف الظل مثله...
كان مجرد التفكير في مغامرات بيكي الشقية يجعل عيناها تغرورقان بدموع من فرط الضحك....
كان بيكي كلبا مضحكا بحق. و كان رأسه ممتلأ دائما بكل انواع الافكار الغريبة .
تخيلوا انه ذات مرة اخذ القطيطات الصغيرات من امهن...ذات مرة نادت
كاتا المرأة الفلاحة التي تساعد عمتي في ادارة المنزل على القطة : بس بس بس .... هاكي حليبك
عندئذ نظرت القطة لقطيطاتها في حب وحنان .. وعندما اقتنعت تماما انهن يغططن(يصدرن غطيطا اي شخيرا علامة على النوم العميق) غارقات في نوم عميق...انسلت قافزة من السلة و هرعت الى المطبخ...
انتهز بيكي الفرصة السانحة و بينما كانت القطة تشرب الحليب في سعادة
حمل القطيطات من السلة الى كوخه..
ذعرت القطة عندما اكتشفت ما حدث بعد عودتها الى سلتها من المطبخ.
اخذت تهس وتنفخ و يتطاير الشرر من عينيها الخضراوين...لكن كل هذا كان بلا طائل..لم يتحرك بيكي قيد انملة ، ولم يعرها ادنى انتباه.
وعندما ادركت القطة المسكينة أخيرا ان بيكي لن يعيد القطيطات و ان ليس لديه اية نية لفعل هذا ... خضعت لمصيرها و سكنت.
اعتقد انها كانت تعرف انه لا يوجد على وجه الارض من سيعتني بالقطيطات افضل من بيكي ...تعرفون ... لو لم يكن الامر هكذا كانت ستهاجمه في عنف و غضب...
قالت كاتا: بصوا
(ثمة اعتقاد خاطيء ان فعل بص هو فعل من العامية ولكنه عربي فصيح وقد استخدمته هنا للدلالة على شخصية كاتا و بيئتها) عليه!!!
ان بيكي يعتني بالقطيطات كما لو كان امهن!
وانخرطت في ضحك عنيف وهي تشاهد القطيطات يتمسحن في بيكي بداخل كوخه كما لو انه حقا امهن!!!
وعندما
كانت القطيطات تجعن ،كان بيكي يلتقط باسنانه الواحدة تلو الاخرى من كية قفاها (الجلدة الصغيرة التي تحمل القطة الام قطيطاتها منها) ويأخذهن لامهن القطة لترضعهن!!!
لم اكن لاصدق هذا لو لم اكن قد رأيته بعيني رأسي!!!
و صدقوني لم يكن بيكي يسمح لاي فرد كأئن من كان ان يقترب من القطيطات حتى لو كانت العمة حبيبة ذاتها..
و كانت هذه تقترب احيانا في فضول لتلقي نظرة على ما يجري في كوخ بيكي وعندما كانت تحاول الإطلال برأسها كان بيكي ينبح في غضب - هاو هاو...كأنه يقول لها اذهبي !!!
لكن الامر المضحك حقا حدث عندما تبنى بيكي مجموعة من الصيصان(الكتاكبت وهي جمع صوص و تنتشر الكلمة في الشام) الصغيرة حالما خرجت من البيض!!!
في اليوم التالي لفقس البيض عندما صارت الصيصان قوية بما يكفي للمشي و الخروج ... اخذها بيكي في تمشية حول المزرعة.
تخيلوا معي هذا المنظر!!
الدجاجة الام غاضبة. تصيئ في غضب و تجري في كل مكان تطارد صيصانها ...بينما الصيصان الصفراء مثل زهرة تباع الشمس تجري خلف بيكي في فناء المزرعة ...
منظر جد مضحك حقا ... اليس كذلك؟؟؟؟
××××××××××××××
رأيت بيكي لاول مرة في عيد ميلاد العمة، عندما اجتمعت الاسرة على الطاولة الكبيرة المزينة الموجودة تحت شجرة الجوز الضخمة العتيقة . في هذا اليوم اعلنت العمة:
عندي لكم مفاجأة ....على وجهها البشوش ارتسمت ابتسامة غامضة....من لا يحب المفاجآت ؟؟؟؟
هتفنا جميعا باعلى صوت : ماهي تلك المفاجأة... ماهي....؟؟؟
قالت في غموض – سترونها حالا.
وفعلا ، رأينا جميعا في اللحظة التالية جروا صغيرا يجري خلف كاتا التي كانت قد خرجت لتوها من المنزل و اتخذت طريقها في سرعة عبر الفناء نحونا وهي تحمل كعكة عيد الميلاد الجميلة!!!
قالت العمة : اسمه بيكي!!!
كان اسما ملائما جدا لهذا الجرو الصغير...
هنا نبح بيكي – هاو هاو، واخذ يجري حول الطاولة وكان من الواضح انه سعيد بالصحبة و الجمع..كم كان جميلا ومضحكا.
وكان من الواضح ايضا انه شقي جدا!!!
بدء بمحاولة انتزاع دمية من يدي...ثم قطع شراب العمة سالمة ام يحيى حينما كان يحاول الوصول الى حجرها.
اقول لكم بالحق لم يتغير بيكي كثيرا بعد ان كبر . لقد ظل صغير الحجم، ظريفأ، محبا للتدليل و ايضا شقي جدا كما قد عرفتم.
كانت العمة تشكو منه قائلة : ان بيكي كلب لا يعتمد عليه ... انه يستقبل كل من يأتي الينا سواء كان مرغوبا في قدومه ام غير مرغوب فيه...بتحريك ذيله في حبور.
×××××××××××××
كانت مزرعة العمة كبيرة واسعة تمتد حتى الغدير. و كان منزلها الريفي الكبير في لون العسل. وخلف المنزل حظيرة حيوانات كبيرة بها الفرس " جميلة" و البقرة" بيضاء". وكانت هناك ايضا خراف و ماعز ودجاج و بط وديكة رومية.
باختصار كانت المزرعة تحتوي على كل انواع الحيوانات الاليفة . كان ماينقصها فقط هو كلب حراسة امين يعتمد عليه.
وخاصة مع حدوث بعض الاحداث المريبة في المزرعة الآمنة. ففي احدى الليالي اختفت دجاجة،ثم بعد عدة من ليال أخر
اختفى ديك رومي. و اخيرا ، اختفت بطة سمينة!!!
عنفت العمة الكلب بيكي و كان هذا واقفا امامها غير مدرك لخطورة ما حدث...اخبرته في غضب ان اسلوبه هذا يمكن ان يؤدي الى ان يسرق كوخه هو ذاته وهو بداخله غير دار بشيء ودون ان ينبح ولو مرة واحدة.
واخيرا رأت ان بيكي لا فائدة منه و قررت انه لابد لها من الحصول على كلب حراسة حقيقي.
كانت في هذه اللحظة تنظر من نافذة المطبخ كأنها تأمل في ان تضبط اللص معدوم الحياء مختبئا في مكان ما ينتظر الظلام و يتأهب لسرقة بطها ودجاجها وحيواناتها....
نفذت العمة ما قررته .ففي اليوم التالي نزلت من السيارة وهي تحمل جروا صغيرا ... حملقت كاتا فيها و في الجرو وقالت متعجبة:
كرة الفرو الصغيرة هذه هي التي ستحمي المزرعة كلها؟؟
ضحكت العمة منها و ردت في ثقة:
تأكدي من هذا و سترين عندما يكبر. سيكون حارس حقيقي نادر المثال.
لابد وانكم قد خمنتم ان بيكي كان في قمة الاثارة عندما رأى هذا الكائن الصغير بين ذراعي العمة!!!
نبح في حب وسعادة محييا اياه!
مد الجرو عنقه ونظر الى بيكي في فضول. ونبح بدوره لرد التحية .

وكان نباحه عالي النبرات طفولي. وبدء في التململ مبديا استعداده للقفز ....
عندئذ قالت العمة في حبور :
انظروا اليه ..جرو صغير شجاع... ثم وضعت الجرو على الحشيش و اضافت:
اسمه ارجو!!!
انصت بيكي في انتباه وفكر:
ارجو ..اسم مخيف حقا!!
توقفت كاتا عن كنس الفناء وصعدت الكائن الصغير بعينيها
و هو يجري فرحا حول بيكي. ثم قالت: ارجو ..!هذا الشيء الضئيل ؟؟ اسمعي لابد ان بيكي يفكر ان الافضل تسميته تيتي او لولو!!!
تفكرت العمة لحظة ثم رفضت الاقتراح رفضا حاسما بهزة من رأسها.
و عقبت: تيتي او لولو لا يمكن...نحتاج لكلب صارم مهاب يحرس المزرعة و المنزل و الحظيرة وليس لعبة ندللها ... وتتمسح بنا!!!
احس بيكي بوطأة الموقف ..فطأطأ اذنيه...كان يحس ان هذا الكلام يخصه... فهو من يتمسح بكل من هب ودب.
لكن ماذا عساه ان يفعل ان كان قد فطر على هذا..؟؟؟
حسنا المهم انه احب ارجو منذ اللحظة الاولى وتقبل وجوده على الفور. وبالمثل احبه ارجو ايضا.
اخذ الاخير في النباح نباحا عاليا متواصلا طفوليا عالي النبرات و هو يطوف حول بيكي الذي كان محبورا جدا من وجود ارجو.
لقد توصل بيكي لقناعة هامة في هذه اللحظة الا وهي ان الحياة ستصير افضل في وجودهذا الرفيق و على الفور دعاه الى اللعب.
اتحب ان نلعب هاو هاو بارطوس(لعبة اطفال في منطقة حوض البحر المتوسط حيث تجري مجموعة وتطاردها مجموعة اخرى احيانا تسمى عسكر وحرامية ) او هاو هاااووو استغماية(لعبة اطفال شهيرة حيث تختبيء مجموعة وتبحث عنها مجموعة اخرى)....
ثم انطلق بيكي يجري في كل مكان .. ويختبيء خلف الشجيرات ويقضم الاوراق وعندما هبط الليل وارخى سدوله و سطع القمر ..صاعدا من خلف شجرة الجوز الكثيفة المورقة ...حاولت العمة ان تأخذ ارجو بين ذراعيها و تحمله الى المنزل و لكنه اخذ في النباح المتواصل وكأنه يعترض بل ويبكي وينتحب...و كان لا يسكت الا عندما تتركه يجري في الفناء و يهرع الى كوخ بيكي ويتمسح فيه و يغرقان معا في سبات عميق وهما يدفئان بعضهما البعض.
وكان هذا يتكرر كل يوم.
بالرغم من ان بيكي كما نعرف كان كلبا هجينا كستنائي الشعر صغير الحجم له انف مفلطح مضحك، لكن ارجو كان يرى انه الزعيم!!. وقد اوضح له على الفور كم انه يحبه وكم يثق به. ومنذ اليوم الاول لمقدمه اخذ يتبع بيكي و كأنه مربوط اليه بخيط خفي.
وماذا عن بيكي ؟؟؟
كان بيكي يستمتع ايما استمتاع بالدور الجديد الذي اسنده الى نفسه...دور المعلم!
وهكذا اخذ على عاتقه العناية بهذا الجرو الشقي .
كانت كاتا تنظر من نافذة المطبخ وتشير الى بيكي وهي تضحك:
بص ..بص..بيكي يتباهى بنفسه و يمشي مختالا فخورا.
كان بيكي يتمشى في الفناء و يتبعه ارجو كظله..وكأنهما في تمشية عصر كل يوم.
هل كان بيكي يفخر ويختال؟؟هذا امر يجوز ان نناقشه فيما بعد...الامر الاكيد هو ان بيكي كان معلما جيدا.
فسرعان ما علم الجرو الصغير ما يجب فعله وما لا يجب فعله. وطبعا كان هذا وفقا لقواعد بيكي الخاصة.
مثلا علمه ان من الممكن الجري وراء الدجاج في الفناء ومطاردته
لكن من المحظور تماما الاقتراب من القط الابيض الكبير حيث ان مخالبه حادة مثل السكاكين المسنونة...
وايضا حذر صاحبه الصغير من الدخول الى الحظيرة في سرعة
و اتبع هذه النصيحة بنبحة عالية تحمل كل معاني الانذار والتحذير و تفيد انه من الممنوع منعا باتا الاقتراب من الفرس جميلة حيث انها قد تغضب و تركله بحافرها ركلة قوية مؤلمة . كذلك اوصاه بالابتعاد عن حظيرة الخراف والماعز حيث تعيش النعجة بيكوشا .. وهذا لانها صارت قلقة وترفض صحبة اي كائن..لماذا حدث هذا ؟؟؟هذا ما سنكتشفه فيما بعد.
وبالرغم من ان بيكي كان معلما صارما و كان ينبح بشدة منبها ارجو عندما يقترف الاخير اي خطأ. الا انه ايضا كان شفوقا يسمح لربيبه الصغير في احيان كثيرة بكل ضروب الحماقات والشقاوة...بل انه كان يسمح له ان يعضه ويدغدغ باسنانه الصغيرة ذيله واذنه.
كانت العمة عندما تشاهد ما يجري بينهما تضحك وتهز رأسها وتقول لبيكي : انه قد تبنى الجرو و تلك هي الحقيقة بعينها.
صدقوني حتى ام الجرو الحقيقية لم تكن لتعتني به مثلما فعل بيكي.
وعندما كبر ارجو واشتد عوده علمه بيكي السباحة في الغدير و ايضا علمه كيف يخدع كاتا بذكاء كي يحصل على قطعة لحم جيدة.
كانا عندما يشمان رائحة الشواء اللذيذ يهرعان الى المطبخ، وقبل ان تدرك كاتا المسكينة ما يحدث كانت تجدهما واقفين على ارجلهما الخلفية وفي لمح البصر تختفي افضل قطع اللحم من الطبق.
ولعلمكم لابد ان تكون ماهرا لتهرب من كاتا. فبالرغم من ان كاتا كانت سمينة عرضها اكبر من طولها الا انها كانت سريعة ماهرة وكانت تحتفظ بغصن يابس في متناول يدها دائما كي تضرب به من يقترف الخطأ.
عندئذ كانت كاتا تصرخ في غضب:
انتظر يابيكي .. انتظر ايها الشقي...سأضربك و اعلمك ... فلقد كانت تعلم تماما ان كل ماحدث من تخطيط وتدبير بيكي.
علم بيكي ارجو انه من الضروري الابتعاد عن كاتا الغاضبة لانها تنفجر بسهولة و لكنه علمه ايضا ان كاتا تهدء بسهولة ايضا.
كل ماكان على بيكي ان يفعله كي تهدء كاتا هو ان يهز ذيله عدة مرات عندئذ كانت تنفجر في ضحك يجعل وجهها المستدير السمين يحمر من السعادة.
بل انها كانت تربت على رأس بيكي علامة على انها قد غفرت له ما حدث.
بعد الغداء كان بيكي يعشق نوم القيلولة و يذهب ليستلقي تحت شجرة الكمثرى
لكن ارجو لم يكن يحب هذا .. بل كان يفضل الجري في البستان
و الذهاب الى الغدير الذي يخر(صوت الماء الجاري هو الخرير) في سكينة في الوادي.
كان يذهب الى بيكي وينبح:هاوهاو ... ليوقظه داعيا اياه الى اللعب
ولم يكن بوسع بيكي مقاومة مثل هذه الدعوة الممراح فكنت تجده يقفز على الفور وينطلق مع ارجو يجريان على الحشيش الاخضر .
في البداية كان ارجو هو الذي يطارد بيكي ثم انعكس الحال وصار بيكي هو الذي يجري خلف ارجو.. وحدث هذا لان ارجو نما كفطر بسرعة شديدة حتى انه سرعان ماتجاوز حجم بيكي.. ومر شهر ثم آخر وصار ارجو كلبا اسودا مخيفا
الا انه في الواقع ذا طبيعة سلسة .
لم يكن كلب حراسة شرس على الاطلاق.
استسلمت العمة لقدرها و اخذت تهز رأسها كعادتها عندما لايعجبها شيء:
هذا ما جنته يدا بيكي.. تلك هي مدرسته.. بدلا من حراسة المنزل صار ارجو يهز ذيله ويحيي كل من يأتي .وطوال
الوقت كانت الحيوانات تختفي.دجاجة او بطة واحيانا ديكا روميا.
و طفح الكيل بالعمة عندما سرق احدهم كل البيض من خن الدجاج قبل شم النسيم مباشرة.قالت العمة في غضب:
آه لو عرفت هذا اللص الجريء عديم الاخلاق سوف اجازيه بما يستحقه.
كان شتيوي العامل في المزرعة يعيش في قرية قريبة
وكان يأتي كل صباح لينظف الحظيرة و يعاون كاتا في قطع الاخشاب و جمع الحطب.
وعندما سمع العمة تقول هذا ، تمعن فيها وقال في صوت خامل رتيب: انه ثعلب!تسلل الى لكل اخنان الدجاج في القرية وسرق البيض منها.
لم تقتنع العمة بهذا التفسير و ردت: آمل الا يكون ثعلبا يسير منتصبا على قدمين!!!
فغر شتيوي فاه دهشة لانه لم يفهم على الفور ما كانت العمة ترمي اليه.
ثم ادرك مقصدها فحرك كتفيه في انزعاج و حك انفه الكبير كجزرة ناضجة و ضحك ضحكة عالية وقال: ربما.
××××××××××××××××
تساقطت كل اوراق الشجر ، ولم يكتشف بعد من هو هذا الثعلب الذي يسير قائما على قدمين!!
فقط عندما وضعت العنزة بيكوشا صغارها ،بدءت الامور في الاتضاح.كان بيكي في غاية السعادة عندما اختلس نظرة الى حظيرة العنزة ووجد ثلاث عنزات صغيرات.وقع على الفور في حبهن!! واخذ ينبح في سعادة :
هاو هاو هاو
انه يدعوهن الى اللعب و اللهو ولكن ربما كان هذا النباح يعني ايضا: يا بيكوشا لم لا تعطيني اطفالك اربيهم لك؟؟
قال شتيوي عندما رآه في الحظيرة : ماذا يفعل هذا الكلب المجنون في حظيرة العنزة؟؟ واخذ يحرك مكنسته مهددا...
وفي لحظة مرق بيكي من بين قدميه ..وانسل هاربا..ولكن عندما استدار شتيوي ، رجع بيكي الى اصحابه المرحين مرة اخرى..
كان بيكي يحرس العنزات الصغيرة كما لو انهن قرة عينيه.
كان ينبح في غضب عندما تغافلنه و تهربن منه وتجرين الى الفناء في مرح وسعادة...
و على الفور كان يلاحقهن و يعيدهن الى الحظيرة كما لو كان راع يعيد قطيعه الى حظيرته.
ودائما كان ارجو يهرع الى مساعدته في هذه المهمة و من الواضح انه كان يعتبر ان مطاردة العنزات في الفناء لعبة مرحة ممتعة حيث انه كان ينبح في سعادة.
ذات صباح ، غيمت السماء وهطل المطر مدرارا و مع المساء نزل الثلج . وصار الجو باردا حقا....
وانزعج بيكي انزعاجا شديدا عندما وجد الريح تدفع الثلج المتساقط الى داخل كوخه الصغير.
اولا تخيلت العمة انها سمعت اصوات مكتومة عند الباب.احست ان هذا بيكي يخبط الباب بمخالبه ..ثم تيقنت عندما سمعت نباحه المضطرب: هاوووووهاووووووووو
لابد انه كان يقول ادخليني ادخليني.
فكرت العمة – المسكين بيكي لابد وانه على وشك التجمد ...وعلى الفور قامت من على كرسيها واسرعت عبر الممر لتفتح له الباب.
و نادته قائلة – هيا ادخل...
لم ينتظر بيكي و اندفع للداخل و تابع طريقه عبر الممر ...كان يعرف جيدا اين هو المكان الامثل للنوم العميق ...انه في المطبخ بالقرب من الفرن الدافيء.
وماذا عن ارجو؟؟
كان ارجو يريد الدخول ايضا. فهو ملازم لبيكي. لكن العمة اغلقت الباب في وجهه...
وقالت له في حزم: لا ليس انت. انت كلب حراسة .لا يجب ان تجلس في المطبخ تحت المنضدة.
كان هذا يؤرق ضميرها ويزعجها. لكنها لم تكن تريد ان يتحول هذا الكلب الضخم القوي الى لعبة مدللة مثل بيكي!!!
نادت عليه من النافذة قائلة بصوت عال:
لديك كوخك الخاص.
تقبل ارجو مصيره. ودلدل ذيله بين رجليه و غمغم باصوات غير واضحة ... لابد انه كان يقول : عمتم مساءا.
كان بيكي ينصت في انتباه لصوت وقع خطوات ارجو على الثلج الحديث.
كان واضحا انه غير راض عما حدث. وكان يظن انه ليس من العدل ما فعلته العمة عندما لم تسمح لارجو بقضاء الليلة معهم . لانه بدلا من هز ذيله في حبور كالعادة ، اخذ ينبح نباحا عاليا في اتجاه النافذة وكأنه يواسي ارجو ويقول له
عمت مساءا انت ايضا!!!
وبالرغم من ان بيكي كان يرى انه ليس من العدل ان يستمتع هو بدفء المطبخ بينما يتجمد ارجو في صقيع الفناء ، الا انه سرعان ما تكور على نفسه تحت المنضدة و غط في ثبات عميق على الوسادة المعدة له.
لكن الاحداث التي وقعت في تلك الليلة اثبتت كم كانت العمة محقة عندما اغلقت الباب في وجه ارجو . وحتى بيكي اعترف لها بذلك فيما بعد.
وهاكم ماحدث....
مع حلول منتصف الليل او لنكن اكثر تحديدا فنقول انه مع التقاء عقربي ساعة الحائط العريقة و تعالي صوت دقاتها مؤذنة ببلوغ الثانية عشرة مساءا... استيقظ بيكي على حين غرة ، ليس بسبب صوت دقات الساعة ، لا... لكن لانه سمع خطوات شخص ما على الثلج. اصاخ السمع وانصت بكل جوارحه...لا ..هذا ليس صوت خطوات ارجو المتقافزة...انها خطوات شخص متسلل يحاول جاهدا الا يجعل لخطواته صوت. لابد ان شخصا ما قد اقتحم المزرعة و ها هو يمشي الهوينا في الفناء...بسرعة ،خرج بيكي من تحت المنضدة و هرع الى النافذة...ولكن لانه قصير وارجله قصيرة لم يستطع ان يرى الا الثلج يغطي كل شيء بعد ان توقف عن الهطول. والقمر في الاعالي يخرج على استحياء من بين السحب.
وكما تعرفون بيكي هو بيكي...لا يهمه من القادم و لا ماذا سيفعل ... آه لو كان فقط ينبح ...لا.. انه يهز ذيله في حبور مرحبا بمن وصل.
وحتى ارجو الذي كان يغالب النوم ويفتح عينيه بصعوبة في كوخه لم يفعل شيئا عندما رأى شبحا غير واضح المعالم يتقدم في بطء نحو حظيرة الماعز،على اية حال كان ارجو تلميذا نجيبا في مدرسة بيكي .
وماذا عن اللص الشبح؟؟؟
كان الاخير يعرف جيدا نوعية المزرعة التي دخلها. كان يعلم تمام العلم ان كلابها لا تنبح و انها لا تشكل خطرا على الاطلاق.
-هس!!!ششششششش!!!وضع اللص اصبعه على فمه محذرا ارجو من النباح عندما رآه يخرج من كوخه و يستعد لتحيته بنباح سعيد.
وبعدئذ فتح باب الحظيرة..ببطء و حذر كي لا يصدر اي صوت. وفي ثانية توالت الاحداث...امسك اللص بالماعز الصغير المسكين المرتعب وو ضعه تحت ابطه و انطلق مسرعا لا يلوي على شيء.
صرخ الماعز وصرخ و كأن اللص يسلخه... وهنا جن جنون بيكي .وانتفض شعره وبدء في النباح بعنف وغضب ، لا انه ليس على استعداد للتخلي عن ربيبه الماعزالصغير الجميل!!!
لما سمع ارجو نباح بيكي الغاضب انتفض بدوره ونبح بشدة
هاووووووووووووهاوووووووهاووووو
وخرج بسرعة من الكوخ و جد في مطاردة اللص الشبح وكأنه محارب مقدام في طريقه الى المعركة...
آيييييييييييي....تردد صدى صوت مرتعش خائف في الفناء الواسع. لقد ادرك اللص اخيرا انه ليس كل مرة تسلم الجرة(مثل مصري شهير وهو هنا معادل للمثل الكرواتي وترجمته الحرفية قد تكون لا يمكن عبور الغديراثناء العاصفة بسلام كل مرة) و ان ارجو لا يمزح هذه المرة. وعندما رأى ان الكلب الاسود المخيف قد شارف على الامساك به.. وضع الماعز الصارخ على الارض. وبدء في تسلق السور الخشبي المحيط بالمزرعة. ولكن يا حسرتاه ما ان لامست قدماه السور كان ارجو قد وصل اليه و غرس انيابه الحادة في حزامه فقطعه....و في ثانية سقط سرواله الواسع وظهرت مقعدته البيضاء لتسطع في ضوء القمر.
هاهاها لعلعت ضحكة رنانة في فناء المزرعة . انها كاتا السعيدة التي رأت المقعدة فاضحكها منظرها وابتهجت لما حدث للص.
وحتى الآن لا يعرف احد ما إذا كان نباح الكلاب المتواصل الغاضب هو الذي ايقظ العمة من نومها ام ان السبب في هذا هو ضحكة كاتا المجلجلة؟؟
المهم ان العمة قفزت في سرعة من السرير و جرت الى النافذة فلم تر الا رجل يجري بدون سروال ويحاول جاهدا الوصول الى الغابة القريبة المظلمة...
هل عرفت اللص؟ سألت كاتا وماتزال غارقة في ضحكها...
ردت العمة- وكيف لي ان اعرفه؟؟ وضحكت بدورها وهي تكمل: كل المقاعد تتشابه في ضوء القمر!!!
×××××××××××××××××××××

في اليوم التالي وجد سروال على الثلج . وجده ارجو الذي كان يتشمم حول السور فخورا.كانت العمة قد قرظته ومدحته و اخبرته انه افضل كلب حراسة ، واعتقد ان بيكي كان فخورا ايضا ، فهو من نبه ارجو بنباحه المتواصل و بهذه الكيفية منع اللص من سرقة ربيبه الماعز الصغير.
وربما كان ثمة سبب آخر يدعوه للفخر.. من يدري ماذا يدور في عقل بيكي.
الاكيد انه لم يكن يحمل مثقال ذرة من حسد او غيرة تجاه ارجو. بل انه اعطاه عظمة ضخمة كانت كأتا قد اعطتها له كهدية. وهو بدروه اهداها لارجو مكافأة له على انقاذ الماعز وكشف اللص.
لكن بالمقابل اراد بيكي ان يأخذ السروال من ارجو ولو بالقوة و اخذا يتجاذبان السروال بعد ان امسك كل منهما برجل من رجليه. وبينما هما في معركة السروال القديم . كانت العمة تهرع اليهما وهي تتعثر عبر الفناء مرتدية روب المنزل وحذاء بكعب عال. لقد كانت تخشى ان يمزق الكلبان المجنونان السروال القديم قبل ان تصل اليهما وتستخلصه من بين اسنانهما. كانت على ثقة ان هذا السروال هو سبيلها الى معرفة اللص الشبح الذي كان يتسلل الى المزرعة تحت ستار الظلام.
قالت لكاتا: كوني على ثقة من ان السروال سيكشف عن اللص.
في البداية لم تفهم كاتا فردت: السروال...؟كيف؟؟
ردت العمة في انتصار ساقول لك كيف. واستطردت بينما هي تضع معطفها الشتوي الثقيل وترتدي حذائها الطويل ذا الرقبة
- عندما اكتشف من هو صاحب هذا السروال ساعرف من العيار( السارق الذي يتسلل فلا يراه احد) الشبح الذي سرق حيوانات مزرعتي
كان شتيوي قد تغيب عن العمل هذا الصباح . واخبرتها كاتا ان الجارة رئيسة قد حملت رسالة منه تفيد انه يعاني من الام فظيعة في صدره ولا يستطيع الحضور بل لا يستطيع القيام من سريره.كانت رئيسة في طريقها الى السوق لبيع جبنتها اللذيذة و حليبها الطازج عندما قابلت كاتا وابلغتها الرسالة.
وهكذا اضطرت العمة لاخراج الفرس جميلة من الاسطبل بمفردها.ثم قامت بربطها الى العربة. ولحسن الحظ لم تكن القرية بعيدة. و ايضا كانت العمة حبيبة امهر من يقود العربة التي تجرها الخيل.كان بوسعها الاشتراك في سباقات العربات تلك مع فرستها جميلة.
- هيا .. شي شي... لما سمعت جميلة هذه الاصوات صهلت و حمحمت ودفعت بقائمتيها الاماميتين في فرح.كما لو انها كانت على اهبة الاستعداد للانطلاق وفي انتظار الاشارة.
اندفعت العربة وكأنها مجنحة(ذات اجنحة مثل العربات الاسطورية) على طريق القرية حيث تناثر الجليد و تزايد ذوبانه مع سطوع الشمس و طلوع النهار. ومثلما الثلج يذوب ..للاسف ذابت ايضا آمال العمة...
لقد تنقلت بين منازل القرية تطرق كل الابواب على امل ان تعرف من من الفلاحين يمتلك هذا السروال القديم الذي انتزعه ارجو من اللص. لكن لم يعطها اي منهم اجابة شافية.
كانت الناس تضحك و تسخر من اللص صاحب السروال ومقعدته المكشوفة و يمدحون ارجو ويتناقلون الخبر بفخر واحترام و خوف ايضا.وهكذا انتشر الموضوع انتشار النار في الهشيم (القش اليابس) وتناقلت الناس النبأ:
ارجو افضل كلب حراسة في الدنيا
لكن كان هذا نهاية الموضوع في القرية!!!
السراويل تتشابه. هكذا قال الجميع بعد تفحص السروال...ومن يعلم من هو مالك السروال
عادت العمة بخفي حنين ...( اي رجعت بدون فائدة وهو مثل عربي شهير يضرب لمن يذهب في مهمة ويرجع منها خائبا)
وبدت مقتنعة ان اكتشاف اللص صاحب السروال هو المستحيل الرابع( مثل عربي قديم يضرب للشيء الذي لا يجب توقع حدوثه .. حيث ان العرب كانت تقول ان المستحيلات ثلاثة هي الغول والعنقاء و الخل الوفي)
واعلنت في اسى:
سيظل الامر سرا مغلقا الى الابد.
- وكم كانت مخطئة. طوال عدة ايام لم يحدث اي جديد.. لكن ساد السلام في المزرعة و توقف اختفاء الحيوانات تحت جنح الظلام.
- كانت العمة تفخر بهذا و تقول : على نفسها جنت براقش(مثل عربي قديم يضرب لمن يفعل شيئا فيؤدي الى ان يضر نفسه وهو عن انه كانت هناك كلبة تدعى براقش نبحت فعرف مكانها الاعداء وقتلوها)
- ارجو جمد الدم في عروق اللص و اعطاه درسا لن ينساه!!!
- اما كاتا فكانت تزايد على العمة وتقول:
- لقد هرب العيار الجبان مطأطا عبر سبع ارضين و سبع بحار( من القصص العربية القديمة البحار السبعة والاراضي السبعة) خوفا من ارجو ... يخاف ان يفقد سرواله مرة ثانية!!!
×××××××××××
ظهر شتيوي ليلة وقفة عيد الاضحى، قدم الى البوابة وقال بصوت مخنوق يشبه صوت من كان يعاني من آلام شديدة في الحنجرة( عضو الكلام عند البشر وبداية الجهاز التنفسي):
لقد تعافيت.
وبينما يقول هاتين الكلمتين كان يفحص الفناء ببصره في حذر.
كالعادة حياه بيكي بهز ذيله مرحبا. لكن ارجو وقف امام كوخه في صرامة واخذ يرنو اليه بنظرات متوجسة....
تساءلت كاتا في دهشة:
ما الامر؟ لماذا هذا التربص..؟
رد شتيوي متصنعا اللامبالاة: ما عسى ان يكون الامر؟ لقد نساني....
لكنه سار مبتعدا عن ارجو محاولا قدر الامكان تحاشيه.
في هذه اللحظة ظهرت العمة ..ونادته:
تعالى يا شتيوي تعالى يا بنيّ ..الجو بارد جدا ... تعالى في البداية دخل بيكي وتبعه على الفور شتيوي.
كان الجو باردا جدا في الخارج حقا.
كان الثلج يتساقط كأنه نتف من قطن في محلج...وكانت انف شتيوي الكبيرة محمرة كجزرة ناضجة من شدة البرد...
قال شتيوي: لقد جئت اتمنى لك عيدا سعيدا يا عمة.
وكان في هذه الاثناء ينظر في تخابث الى العمة. كان يعلم جيدا انها ستعطيه عيدية جيدة(هبة او منحة تمنح للاطفال و العمال في الاعياد) مثلما هي الحال مع كل عيد. ربما 50دينارا او اكثر.وهو لن يفوت فرصة سانحة مثل هذه للحصول على المال سواءأ كان مريضا ام سليمأ.
كان المطبخ دافئا ويمتلآ برائحة الطعام والحلوى الشهية.
خلع شتيوي طاقيته وفرك اذنيه المتجمدتان. وتمعن في كاتا التي كانت تخرج صواني الطعام و الحلوى ذات الرائحة الشهية التي يسيل لها اللعاب.
كان وجهها احمرا مستديرا و انفها مبيضا من اثر الدقيق.
فكر شتيوي في نفسه:
هي نعم الرفيق في المنزل.
سألته العمة :
اتحب ان تشرب قدحا من الشاي الساخن بالنعناع يا شتيوي؟؟
لم يكن شتيوي يحلم باكثر من هذا خاصة في هذا الصقيع.
وشرب ليس قدحا واحدا ولكن قدحين وكان على وشك اعادة ملأ القدح الثالث .. وهو يحملق في نافذة المطبخ المتجمدة و التي ظهر فيها من وراء رسومات الجليد الهندسية رأس ارجو الاسود الضخم.
زمجر ارجو زمجرة اقرب الى الهسيس سمعها من بالداخل فتساءلت العمة في دهشة:
ما هذا ماذا حل به اليوم؟
كان شتيوي مبهوتا فرد في قلق: كلب عجيب . يزمجر ويفح ويهس بداع او بدون...
هاو هاو هاو هاو جاء الرد من بيكي . اعتقد ان ترجمة هذا الكلام من لغة الكلاب الى لغة البشر هي : اسكت. لان ارجو ما ان سمع هذا النباح حتى صمت على الفور.
في العادة كان بيكي يطوف( يدور حول نقطة ثابتة مثل الطواف حول الكعبة المشرفة)
حول كاتا منتظرا ان تنفحه (تهبه او تعطيه او تمنحه) قطعة لحم شهية او كعكة من الحلوى اللذيذة. المدهش انه في هذا اليوم بالذات كان يدور حول شتيوي.ثم فجأة توقف. وتمعن فيه. كان يمكنك ان تحدس من منظر خطمه( الخطم للحيوان مثل الانف للانسان)
انه على وشك ان يفعل شيئا.
سألته العمة في دهشة : ما الامر يابيكي....؟؟هنا صعد بيكي شتيوي بناظريه وتوقف محدقا في سرواله الضيق القصير على غير العادة... وعلى حين غرة استدار وخرج من المطبخ ...وسمعه الجميع يجري هابطا الدرج وسمعوا صوت صرير (صوت المفصلات العتيقة مثلما الخرير صوت المياه) باب المخزن وتخبط السلال والجرادل والصفائح ..
تعجبت العمة: عماذا يبحث بيكي في المخزن؟ ووضعت امام شتيوي طبقا به بعض اللحم و بعض الحلوى.
وسرعان ما اتتها الاجابة..
فقد ظهر بيكي على الباب.....
فهتفت: ياربي!!!
لقد كان يحمل بين اسنانه ذلك السروال القديم المتهريء الذي انتزعه ارجومن اللص بعد ان اخرجه من غياهب ( جمع غيهب اي المكان البعيد المظلم)المخزن.
من يمكنه ان يخمن ماذا كان يجول بخاطر بيكي في هذه اللحظة ؟؟؟
ربما كان يريد ان يكشف هذا اللص الشبح الذي كان يسرق حيوانات العمة طوال ايام وليال عديدة بل تجرء واراد ان يخطف ربيبه الماعز الصغير ومن تحت انفه. ربما!!!
او ربما لانه طيب بشوش لا يتذكر الاساءة كان فقط يريد ان يعيد لشتيوي سرواله القديم.
مهما كانت الحقيقة فقد بهت شتيوي و تحول وجهه لصفار عكر.
كان واضحا ان امره قد انكشف للجميع
فقد خبطت كاتا بيدها على جبينها هاتفة:
كيف لم احدس( اخمن) هذا من قبل؟؟ انه سروال شتيوي!!!
قال شتيوي من بين اسنانه:
ايها الكلب الشرير!!!
وغمغم بكلمات لم يفهمها احد وبدء في تحريك يديه امام وجهه وكأنه يدافع عن نفسه..لابد انه تذكر وجه ارجو الغاضب وانيابه الحادة القاطعة.
لم تعرف العمة ما يجب ان تفعله هل تضحك مما فعله بيكي ام تغضب وتصرخ في شتيوي المرتعش
طوال هذا الوقت كانت كاتا منخرطة في ضحك محموم عميق
هاهاهاهاها ضحكت حتى انها تكورت على نفسها وممسكة بخاصريها(تقول العرب ضحك حتى امسك بخاصريه اي امسك بجنبيه او تقول ايضا ضحك على استلقى على قفاه)
وستبدي لك الايام ما كان خافيا ويأتيك بالاخبار من لم تزود(بيت شهير للشاعر الجاهلي طرفة بن العبد وضعته كمقابل لبيت من الشعر الكرواتي القديم لشاعر شهير ايضا)
وحقا تنتشر الاخبار بسرعة البرق.
في اليوم التالي كانت القريةكلها قد عرفت ان بيكي الصغير قد كشف شتيوي و ان شتيوي هو الثعلب الذي يمشي على قدمين و يقتحم اخنان الدجاج وحظائر الحيوانات و يسرق البيض والحيوانات الصغيرة.
وماذا عن شتيوي؟؟ لقد اختفى تماما دون ان يترك اي اثر في نفس الليلة.
اظن انه كان يخشى من الوقوع في يد جيرانه الغاضبين.
في عيد الاضحى تحلقنا( جلسنا في حلقة) حول المائدة الكبيرة المزينة البيضاوية في غرفة المائدة واخذنا نتأمل في اعجاب الزينة والطعام الشهي.
كانت العمة حبيبة ترتدي ثوبا جميلا لونه احمر قاتم مثل ثمار البنجر. ولم يكن لها حديث الا عن خيانة شتيوي و خيبة املها فيه.
ياله من نذل جبان لم يحدث قط وطوال عمري الكبيران خدعني شخص شرير بهذا الشكل.
القت كاتا التي كانت تضع صواني الطعام اللذيذ على المائدة نظرة خاطفة على ارجو ثم عقبت :
لقد لقى ما يستحق.
واعتقد انها تذكرت في هذه اللحظة كيف فقد شتيوي سرواله وجرى خائبا مدحورا(مهزوما) خائفا من ارجو ومقعدته عارية مكشوفة لانها ضحكت من صميم قلبها
هاهاهاهاها
كان لابد ان يحدث هذا في وجود كلب حراسة مثل ارجو.
هاوهاو هاو نبح بيكي مؤكدا على ماقالته وهو يخرج من تحت المائدة
ثم انطلق مسرعا الى الباب و نبح من جديد نباحا مطولا حتى قدمت كاتا وفتحت له الباب فخرج الى الفناء
كان من الواضح انه قد قرر ان الافضل له اللعب مع ارجو في الثلج في الخارج وليس الجلوس مع الضيوف في دفء حجرة الطعام.
كان ارجو ربيبه وتلميذه قد تضاعف حجمه فبلغ ضعفي حجم بيكي.لكن بيكي لم يكن يأبه لهذا على الاطلاق.فمازال يتبناه و يوجهه.بالطبع كان بيكي يعلم انه جبان و يخشى من الذهاب للقرية بمفرده ومواجهة كلاب القرية القوية الكبيرة وهي تنبح فيه غاضبة.لكن في صحبة ارجو يتبخر هذا الخوف تماما ويتلاشى...
اقترب من ارجو والقى عليه نظرة خاطفة ثم تسلل من البوابة قبل ان يلحظه احد....
فهم ارجو الامر فورا فلحق به. لم يكن ليتركه يذهب بمفرده .
اتعرفون ما الذي جعل بيكي يريد الذهاب للقرية؟
ولد في حظيرة رئيسة عجل جديد !!!
عجل اصفر فاقع لونه يسر الناظرين له خطم وردي جميل...
و لابد انكم تعرفون ما حدث بعد ذلك...



اسامة القفاش
زغرب
25 يوليو 2007

8 comments:

Malek said...

الى يسري
مع خالص المحبة

u3m said...

جميلة جدا يا دكتورنا العزيز
ذكرتنى باجواء قصة مزرعة الحيوانات لجورج اورويل رغم بعدها عن السياسة كما ذكرتنى بقراءات الطفولة لقصص الجدة بطة ومساعدها لوز ... اما الكلب بيكى فقد تخيلته اثناء قراءتى بالصورة التى كان عليها اذكى كلب مدرب رأيته فى فيلم اجنبى وقد كان يدعى فلوك او ضربة حظ
Fluke
اشكرك مرة ثانية يا دكتورنا العزيز فقد استمتعت فعلا بقراءة ترجمتك لتلك القصة الممتعة
واخيرا كل عام وانتم بخير ورمضان كريم

Malek said...

الحمد لله انها عجبتك
كل سنة وانت طيب يا يسري و رمضان كريم
هي على فكرة قصة في مجموعة قصص للناشئة
والصورتين من المجموعة

اللي شدني في القصة فكرة ان البطولة لكائنات عادية مش سوبر
يعني بيكي كلب هجين عبيط عايز حد يدلعه وعايز يتبنى الجميع
تحس ببساطة الانسان و قصص بسيطة
هي جزء من مشروع اتمنى يكمل لترجمة القصص وطباعتها وتقديمها للطفل العربي
في سن 8 الى 12
ايه رأيك؟؟؟
باتكلم بجد انت ناقد ممتاز
و مؤشر جيد للسوق في هذا المجال
بجد يار يت تكتب لي

u3m said...

انا ناقد ممتاز ؟؟ !!
الله يكرمك يا دكتور .. على فكرة انت واخد فيا مقلب جامد ..
عموما هو على ما اعتقد .. كتب الاطفال وقصص الشباب المراهقين والكتب الدينية على انواعها هى اكثر مايلقى رواج هنا فى مصر بشرط ان يتم اختيار دار النشر بعناية.
اما هذه النوعية من القصص المترجمة فسوف يكون قراؤها فى مصر من فئة عمرية اكبر قليلا مما تنتوى ان توجهها اليهم . لأن الاطفال المصريين من عمر 8-12 سنة مستغرقين بكليتهم فى مشاهدة قنوات الاطفال الفضائية بإنتاجها المتخلف الممسوخ
وتركوا القراءة لفئة عمرية اكبر

Malek said...

الف شكر يا جميل وجهة نظر مهمة جدا و اضعها في اعتباري

u3m said...

مفتقدين اختياراتك الجميلة يا دكتورنا الكبير .. ايه سبب الاختفاء؟ لعل المانع خيرا

aboyehia said...

كل سنة وانت طيب يا يسري
بكرة ان شاء الله وعليك خير تبتدي المختارات من تاني

Malek said...

انا آسف حقيقي يا يسري كان عندي شغل جامد جدا اليومين اللي فاتم
ارفع اليوم
مختارات من القصة السلوفينية المعاصرة