حدوتة يتحول فيها الفعل من الحالة الفردية الى الحالة الجماعية
تذكرنا بهذا المشهد الشهير في فيلم الاخوين تافياني الحائز على جائزة مهرجان كان 1977: ابي سيدي
او
Padre Padroni
قبل أن يصبح الـنـيـك على البطاقة
كان من الممكن ألاّ ندرج تلك الواقعة كواقعة تنصت ، لأن التنصت هو استراق السمع لأناس تمارس الفعل الجنسى وفى الغالب يكون المتنصّت فردأً ويكون الدافع هو إثارة الشهوة وتخزينها للممارسة إذا كان متزوجاً أوله علاقات بنساء ، فإذا لم يك ممن تربطه بالنسوة رابطة فإنه يتخلص من شهوته أثناء التنصت داخلاً فى لحظة النشوة مع الفاعلين .
أما هنا فالمتنصّت ربما كان بلداً بأكملها والمتنصّت عليه كان عريساً يبنى بعروسه على سنة الله وروسوله والخلق أجمعين . كانت ليلة دخلة عبدالحميد ابن أبى معزة [ كان جدهم يأتى معزة بالزريبة بعد بلوغه فضبط واحتفظ للأبد بالاسم له ولنسله من بعده ] .
وكان جمع الناس أكثرهم من غير المدعوّين أو الأقارب ، جاءوا ليطمئنّوا على شرف العروس المطعون فيه ، وكانت الداية وأم العروس وجدتها لبياض عرض البنت متحفزين .
فتحية كانت تحب ولداً اسمه الطاهر يعمل بوابور الطوب … كان يشترى لها الهريسة مع الترابيع أم ترتر وخرز ، أو ايشارب ملوّن ، وهى تشترى له الطواقى والشّمل. هو من عرق وكد ظهره الذى يحمل عليه العصفور وهى من ناتج ما تبيع جدتها من أزيار وقلل ، فدارهم على النهر ويخزّن الصعايدة أصحاب الجرار والقلل والأزيار بضاعتهم عندهم ، ولهم على الحراسة وما يبيعون عمولة .
تدخل عبد الحميد أبو معزة وهو سائق جرّار يحمل الطوب أحياناً من المصنع الذى يعمل به الطاهر وتصاحب معه وبدأ يسعى بالوشاية بينهما حتى خطف المحبوبة .
فتح الطاهر جاعورته فى عز العصر وقال إننى تركتها لما عرفت سلوكها الشين وأنا أخذت اللى أنا عاوزه وكنت بأنام معها فى فرانده البيه وأقدر أقول لكم عدد شعرات سوّتها واحدة واحدة … هنا خرجت جدتها من المندرة شاخرة نافرة كأسد جريح وجرت وراء الولد وقالت كلاماً أيسره فحش وأكثره كفر هوّ أنت راجل يا بن الأوساخ؟ هات أبوك اللى مش ربّاك وأنا أفشخه وأنيكه على الجسر قدام الناس هناهه … دا أنا أحطك فى كُسّى يا مرمم و أقول ما شفتوش .
وتقدّم عبد الحميد لفتحية وفى أسبوع تمت لكفتة الموضوع ، والليلة دخلة عبدالحميد …
كانت النسوة على الصنبور العمومى يتساءلن هو ابو معزة عنده عيال للجواز تانى؟ يا أختى ما أنتى عارفه الراجل وهبله …. يدوب العيّل يبلغ يجوزه فى أوضه فى دار العيلة ، قال إيه علشان يصونهم من الغلط …. عايز ينسّى الناس حدوتة المعزة
زوّجه أبوه درءاً للفضيحة وهو وحيد ويريد عزوة من الأبناء والأحفاد …
هجوزهم قبل النيك ما يغلى … بكره يبقى على البطاقة زىّ السكر والجاز والصابون نروح لأبو والى البقال والنبى ياعم محمد تصرف لنا نيكة على البطاقة يقول ما نزلش نيك الشهر دا يا عم ابراهيم .
الليلة دخلة عبدالحميد والبلد مقلوبة أمام دارهم لكى يشوفوا إن كان كلام الطاهر صحيحاً أم البنت لازالت بكراً …. وشباب الفلاحين يرقص قدّام الغوازى وهنّ يرقصن رقصاً خليعاً لينتزعوا النقوط انتزاعاً دبور قرصنى… قرصك فين؟ فى الحتة دى؟ لأ دى؟ وهى تغير موضع إصبعها السبابة وتشير من الشفة للثدى ثم إلى الصرّة حتى إذا أشارت على شيئها يجن جنون الفلاحين ويخلعون الطواقى ويرمونها على الأرض من شدة النشوة … وعندما نزل العريس مصطحباً عروسه من فوق ظهر مقطورة الجرار التى كانت مسرحاً يصفق الشباب هيبلّه … هيبله …
ودخلت الداية أمامه ومعها والدة العروس وجدتها ووالدة العريس وأقفلوا وراءهم باب المندرة وفتحوا له وركا العروس ، وحراس شدادُُ غلاظ على الباب يمنعون التلصص من فراغات ألواح خشب الباب أو يتنصتوا لصراخ العروس ، لكن لاحس ولاخبر قالت الداية آه يا ابن آدم … لن تأخذ من الدنيا إلا قوتك وبل قرموطك وضحكت ضحكة مغناج طويلة ممطوطة لتدخل البهجة على الحضور وتشجع العريس لكن العريس كان رايح دهاس، عيّل لسّه ما يدركش الدنيا خاف يقرّب على العروسة ، فلما طال انتظار الوقوف بالخارج فضّت الداية بنفسها بكارة البنت وخرج المنديل ملطخاً بدماء الشرف الرفيع وحملوه على عصا من الجريد يزفّونه فى حارة العلواية ومنها لشارع البحر قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى …. فقد أطمئن على شرفه وسلامة تربيته ..