Tuesday, October 24, 2006

كانت الايام السابقة اجازة فلم استطع استكمال المتوالية
احب ان نهنيء جميعا الاخ الصديق العزيز منير لان الله قد وهبه مولودة سعيدة في رمضان في ليلة القدر
تحياتي القلبية يا منير

اسامة
ابنهما


نسى خالى شفيق عادته اليومية فلم يخرج منديله ويمسح به الكف الزرقاء التى تتوسطها عين خرزية لامعة والمعلقة فوق جرس الباب.. كان مشغولاً "بالفازة" الزجاجية الشفافة التى يحملها.. "فازة" مملوءة بالزهور تتخذ شكل طفل عمره عام.. وضع "الفازة" على المائدة وفك أجزاءها كما علمه البائع.. أخرج الزهور وألقاها جانباً.. ثم أحضر الإناء الألمنيوم المفلطح الممتلئ بالسمكة السحرية وصبها فى "الفازة".. فطر أبيض مشرب بزرقة خفيفة.. هلامى القوام.. ملأ "الفازة" عائماً فى مياه داكنة يفرزها تشبه الكاكاو الممزوجة بكثير من الحليب..

وقف خالى شفيق لحظات يتأمل الطفل الجميل الذى أمامه.. لم يشأ أن يهنأ بالسعادة وحده.. ذهب ليوقظ زوجته لتأتى وترى الطفل.. تذكر أنها تعانى فى الفترة الأخيرة من حالة إجهاد دائم.. فحمل الطفل وذهب به إلى حجرة النوم.. جلس على طرف السرير.. وضع الطفل بجوار زوجته.. أيقظها بلطف وهو يداعب أنفها بإصبعه.. فتحت عينيها.. رأت الطفل.. شهقت.. ضحك شفيق من أعماقه.. ضحكت هى الأخرى.. أخذت الطفل فى حضنها.. ضمته بشدة.. وبكت.

***

لم يحصل خالى شفيق على السمكة السحرية بسهولة.. عرف بوجودها مصادفة.. قال له زميله فى العمل أن قريباً له يمتلك اثنتين.. وأن زوجة هذا القريب أنجبت بعد انتظار أكثر من عشرين عاماً.. تمسك شفيق بالفرصة.. ألح على زميله ليعرفه بقريبه هذا.. ذهب معه إلى مناطق مجهولة بأعماق ريف محافظة البحيرة.. كاد يبكى وهو يستأذن فى استعارة إحدى السمكتين أو شراءها.. رق له الرجل وباعه واحدة بمائتى جنيهاً..

وهو يخرج بها زوده الرجل بالنصائح.. لا تدع أحداً يعرف أنها عندك.. حافظ عليها.. طعامها "تفل" الشاى.. اشرب أنت وزوجتك مقدار نصف كوب صباحاً على الريق ومثله قبل النوم من المادة الداكنة التى تفرزها.. إنها تشفى من أمراض كثيرة.. ولكن الأهم أنك بعد تسعة أشهر ستصبح أباً.

***

كانت حنان زوجة خالى شفيق تتساءل عن سر تسمية الفطر بالسمكة فهو لا يشبه الأسماك إلا أنه يعوم فى بحر داكن يصنعه بنفسه.. لكنها أحبته وواظبت مع خالى شفيق على الاعتناء به.. تزوده "بتفل" الشاى وتغير له الإناء مرة كل أسبوع.. وتشرب نصف الكوب صباحاً ومساءً..

ساعات طويلة قضاها الاثنان مع الطفل الزجاجى يتأملان حركة الفطر بداخله.. تحس هى أن بأحشائها حركة مماثلة.. يتمنى هو أن يتحرك الطفل ويلقى بنفسه فى حضنه..

***

أعدا للطفل أكثر من مكان بحجرة النوم وحجرة الطعام والصالة.. كانا يحملانه معهما حيثما يجلسان.. أحياناً تدب بينهما مشاجرات صغيرة إذ يكونان فى الصالة مثلاً ويقرران الذهاب للنوم ويصر كل منهما على أن يحمله بنفسه.. ثم يتصالحان بأن يمسك كل منهما بإحدى يديه.. وعندما يكون خالى شفيق جالساً لمشاهدة التليفزيون يحب أن يضع الطفل على حجره.. بينما تصر هى أن تأخذه معها إلى المطبخ لأنها قد تمكث فيه أكثر من ساعة.. وبعد أخذ ورد يقرران نقل التليفزيون إلى المطبخ.. أو تأتى زوجة خالى بالبطاطس التى تقشرها إلى الصالة.

***

أقسم خالى شفيق أنه شعر بأعراض الحمل قبل أن تشعر بها زوجته نفسها.. قبلا الطفل وهما يخرجان لزيارة طبيبة أمراض النساء والدنيا لا تسع سعادتهما بتحقق الحلم بعد انتظار أكثر من عشر سنوات..

قبلا الطفل مرة أخرى عندما عادا بقلوب حزينة..

أخذا الطفل لينام بينهما على السرير لأول مرة بعد أن عرفا أن أعراض الحمل كانت كاذبة.. قالت زوجة خالى: لكن حبنا له صادق!

***

أكدت هى أن الطفل ابتسم لها بينما كانت تشرب كوب الصباح.. لم يكن خالى شفيق مصدقاً تماماً.. لكنه تأكد من صدقها عندما رأى عينين زرقاوين صغيرتين تتحركان فى كل الاتجاهات ثم تستقران عليه وتغمزان.. ناداها.. أراها العينين.. قال بسعادة: ابننا ينمو.. ببطء.. لكن بجمال!

3 comments:

eman said...

مبروك للأستاذ منير على المولودة وبارك الله له فيها

.....................
بالنسبة للقصة , اول شىء ورد الى ذهنى هو

it's nice,
but freaky !!

........
هذه القصة ذكرتنى بشىء
معروف ان لحالة لنفسية للشخص تسبب امراض عدة
منها الامراض الجلدية والتى قد تظهر بعض اعراضها اولا فى الفم

فنشرح للمريض ان احد الأسباب هو الحالة النفسية

مرة رفض المريض السبب للخوف من كلمة (مشكلة نفسية)
فعشان يكون الأحتمال وارد فى ذهنه قلت

الحالة النفسية تسبب كل امراض الدنيا ما عدا الحمل !
(على نسق الجملة التى علمناها دكتور فى سنة ثالثة: ان السكرى يسبب كل شىء ما عدا الحمل)

فقالت لى المساعدة , يا دكتورة هو مش فيه حمل كاذب !

......

هذه القصة تحمل استنتاج (اذا صح التعبير) , لأنها تتحدث عن ان ايماننا بالشىء قد يجعلة حقيقة

وايضا بحثنا عن الحقيقة (الطفل) تجعلنا نتمسك بما لا يكون حقيقيا (السمكة السحرية)

............
كمان اتذكرت الشيخ الصالح اللى نساء قريتنا فى الردن كانوا يذهبون له عشان يعمل لهم احجبه عشان يحملوا !

حتى امى راحت له عندما تأخرت فى الحمل لمدة 3 سنوات بعد ان توفى بكرها اخى (الله يرحمة)

المهم ... بما انه مشهور
والناس تروح له
تعنى وراح له زوجين من البادية من بلد بعيدة,

وصلوا الى قريته وتوقفوا عند شيخ يقوم بحرث ارضه , فسألوه حتى يدلهم على بيت الشيخ صالح ؟

سألهم لم ؟

قال له الزوج , الله ما رزقنا بعيل من سنين ووصفولنا الشيخ صالح واحجبته

فقال لهم
وصلتوا خير
انا الشيخ صالح

ضيفهم , وانتظروا حتى عمل لهم الحجاب الذى تلبسه , ووصف لهم شاى يشربونة

حافظوا على الحجاب كالكنز

لم تمضى سنة الا وحملت السيدة وانجبت

فكعادة البدو , ذهبوا ليزوروا الشيخ صالح وقد اخذوا له ذبيحة

فلما وصلوا رأو الشيخ فى ارضه كما كان

فأخبروه بأن الله رزقهم بطفل ببركة حجابه

تغيرت ملامح الشيخ !!
وقال ,, هل فتحتم الحجاب ؟؟

قالوا بالطبع لا ! (فهذا يخرب عمل الحجاب) ,, وكانت السيدة لا تزال تلبسه

فقال اعطينيه

ففتحه امام اعينهم الداهشة , وقال

هل تعرفون انى لست الشيخ صالح ؟؟
واننى اصلا درزى
ولكننى تعبت من ان يأتى اهل البادية ليسألونى عن بيته !
فقلت لكم انى هو !

وما كتبت فى الحجاب الا
(تحملى ولا ل %$#& -كلمة عيب جدا)


فقال له البدوى , ان زوجته حملت بعد ان رأوه هو وهذه الذبيحه اتت بأسمه ولن يردها

....
تكملة لحكاية امى مع الشيخ صالح (الحقيقى) , حملت بأخى ال1ى يصغرنى بفترة
وايضا كعادة البدو
اخذوا ذبيحة الى الشيخ صالح
!

Ossama said...

القصة رمزية يادكتورة
يعني ببساطة مش ممكن نعاملها على انها حقايق
ولكن تناولك للموضوع وطبعا مستدعياتك عنه جميل جدا
شكرا يا دكتورة

Anonymous said...

الف مبروك للاستاذ منير عتيبة بمناسبة قدوم الآنسة ملك .. بارك الله فيها وحفظها من كل سوء
شكرا دكتور اسامة لتعريفنا بقدوم الآنسة الصغيرة .. اعتقد اننا سنلمس بعض التغييرات فى كتابات الاستاذ منير قريبا