Friday, September 08, 2006

عن العنف البنيوي الكامن والذي يتحول الى تيار كاسح في لحظات معينة يتكلم احمد والي في لوحة تنبؤية تحذيرية
تتجاوز الخطاب الانتحاري السائد الذي يرفل في ديباجات الكلمات الكبيرة ويتسربل بالالفاظ الخاوية من المعاني ليتنتج افرادا لاهم لهم الا التدمير لعدم قدرتهم على البناء ويؤكد مرة اخرى من خلال عين الفنان التي تلتقط الاحداث بدقة وتعيد تركيبها مونتاجيا ان الاقدار تسخر دائما في مرارة وقسوة من كل الانتحاريين!!!!

و اما الزبد فيذهب جفاء

العنف وما العنف....
قصة عن العنف الشديد

لأن بلدنا الصغير هجمت عليه الحرب فامتلأت دوره بالمهاجرين وأصبحت حتى العشش مكتظة باللحم البشرى فقد زادت ظاهرة التنصت ، لأن ظاهرة النسل والتناسل تزيد أيام الحروب كما يقول علماء النفس.
ولأن النفوس كانت مكسورة فقد كان رد فعل المتنصّت عليهم يتّصف بكثير من العنف ، وآه من العنف الصادر من ذوى الكرامات المجروحة والعورات المفضوحة وخوفهم القاتل من أن يصيروا أحدوثة على ألسنة الناس ( طبعا أصبحوا وأمسوا أحدوثة الأحاديث.

فهذا كاتبُُ كبير بمجلة متخصصة فى الطب والعلوم يرد على قارئ يسأل انه يخشى من ضعفه الجنسى حيث أن قذفه لا يبعد سوى نصف متر عن موطئ قدميه وهو يمارس العادة السرية فماذا يصنع؟ يرد الكاتب لا أظن أننا بحاجة لأمثالك لأننا لن نحرر الأرض السليبة بإيرك .

كان الناس جرحى ويتّسمون ببعض العنف ، لكن إذا كان دلق مخلوط البراز والبول أو الزيت والماء المغلى على المتنصتين بسيطاً ، فماذا نقول عن حادث إحراق السُّنى أو صلب الزوايدة لبائع جمال على نخلة ثم قطع قضيبه وخصيتيه ووضعها فى فمه؟
لولا الحديث عن العنف إذاً ، لما تطرقنا لحادثة خفير البنك التى ربما لا تخضع للتنصت من حيث القياس الدقيق وإنما تخرج لبند التلصص فالتربص والانتقام .

فالسيد خفير البنك الزراعى والذى يغادر كل ليلة قريته المطاوعة إلى البندر ليقوم بالحراسة يترك زوجته وطفلين صغيرين بعد أن يكونوا قد آووا لفراشهم وتكون بهائمهم تثغو شبعى ورّيانة فى الزريبة التى بخلف بيت من القرميد بُنى على أطراف القرية وتحدّه الأرض الزراعية وأمامه طلمبة ماء وتنيره لمبة غاز حتى يتم الصلح مع الزراعة فيتسنى له إدخال المرافق من ماء وكهرباء وصرف ( بارك الله فى حكومتنا الراشدة الرشيدة التى مدّت خدماتها للقرى فأصبحنا مثل سكان جاردن سيتى نستخدم الصنبور ونشاهد الفيديو فى المقاهى ).

ولأن الدار بعيدة بالأطراف ، ولأن الطبع غالب - وديل الكلب ما ينعدل لو حطّوا فيه ميت قالب - فإن رسمية زوجة الغفير كانت تغازل ولداً اسمه مكاوى لم يوافق والده على الزواج منها لأنها ابنة بدوٍ رحّل يعيشون فى الخيام وعلى الرعى ، فلما تزوجها الخفير كان مكاوى بالجيش يمضى فترة التجنيد.

بدأ يتردد عليها فى الإجازات وبعد أن ينام الأطفال ويذهب الخفير لحراسة أموال الدولة والناس ، وكالعادة يكون الكلام همساً فتصريحاً فصراحة وبالفم المليان مع السيد مرتك ريحتها فاحت ، لمّ عرضك ، يا تطلقها يا تشوف بلد تانية ، إحنا مش معرصين …
وهكذا بدأ الخفير يترك الدرك ليراقب ويتلصص ، حتى كانت تلك الليلة التى خرق أذنيه فيها حديث زوجته وغنجها للغريب ، كسر ضلفة الباب فهرب العاشق من فوق السطوح وأخفته عن العيون حقول الأذرة فأيقن الخفير أن غريمه أفلت بجلده فعاد إليها ، فهى التى فتحت له الدار قبل وركيْها وليس الذنب ذنبه .
أمسك بشيئها وبمطواة قرن غزال قطع من لحمها كيلو مثل شيلوك يهودى شكسبير الأشهر لكن خفيرنا لأنه شرقى غيور لم ينتظر حكم العدالة فنفّذ ، ثم أرسل ورقة الطلاق .

بيدين مكبّلتين فى الحديد جلس أمام وكيل النائب العام يحكى وعن الأسئلة يجيب لوكنت قتلتها لاستراحت … أريدها أن تتعذب ، وكلما ذهبت لدورة المياه تذكرت … عمرها يابيه ما هتفتح وركها لحد تانى بعد كده …
أمضى الخفير سنين العقوبة بالسجن وهو منكسر النفس مستريح الضمير ، أما هى فقد تملّكها الهزال من جرّاء الحادث ولم يمضِ عامُُ إلا وكانت فى مقبرتها مستريحةً كما لم يُردْ لها الخفير.



9 comments:

Malek said...

اهداء الى الصديقة المتخيلة
الدكتورة ايمان
ارجو ان تعرفي لماذا لن يؤدي العنف والكبت الا الى مزيد من الدمار والخراب!!!الخطاب الانتحاري في اجلى صوره

eman said...

جالسة صامتة وحاطة ايدى على خدى

راح اردجع بعدين

وان شاء الله يكون بأيدى شى

eman said...

ها نحن هنا مرة ثانية

اشكرك يا عمى(ابو مالك)
على الأهداء
وعلى كلمة (متخيلة) .. فعلا .. وبكل معنى الكلمة انا متخيلة,, فلدى من احلام اليقظة ما و(من) يمشى معى !

كنت اليوم .. او بالأحرى من امس وانا اريد ان انشر شىء
(عشان تشوفلى شىء جديد!)
استقريت على شىء كتبته من حوالى سنة , واليوم وجدت النهاية الصحيحة

وحينما عدت الى البيت , وجدت الأهداء لى ...
عن الهدامين

وانا كتبتلك عن البنائين , ولكن ......

القلوب عند بعضيها
:)

اشكرك جدا

Ossama said...

ليه بس كده؟؟
ماعاش اللي يخليك تحطي ايدك على خدك يا دكتورة!!!يعني نغنيلك الحلو ليه زعلان قوي عشان ترضي عنا؟؟؟

Ossama said...

دكتورة ايمان الغالية
الخيال زاد المسافر ونحن على سفر دائم وفي انتقال مستمر
القلق والتوتر غذاء الفنان والكاتب والانسان
وانت حقا وصدقا بيدك الكثير
بيدك قلمك الرشيق او لنقل ان اناملك تلامس الكي بورد فتنتج سحرا رائقا يسعد الكثير من الناس وانا منهم
خطابك بنائي مثل خطاب احمد الذي يبني باسلوبية جديدة ورؤية خاصة جدا سبيلا جديدا في الكتابة

ومن خلال تعريته الفنية للخطاب الانتحاري المهووس الذي لا يحيا الا عبر الدم والانتقام والدمار
يبني
ويساعد الآخر على البناء
ونحن الآخر هذا
وتسلمي لي يا صغيرتي
والشكر لله اولا وقبل كل شيء ثم لاحمد الجميل ولك ايتها الصديقة العزيزة

eman said...

طيب الواحد يعنى ايش يرد على
الكلمات الحلوة !!

..........

قصص الكاتب مع انى استهجنتها فى البداية , الا انها تجعلنى اجلس فى صمت , وتظل القصة فى مخيلتى طوال الوقت

استنكرت عليه عندما بدأت اقرأ له (اباحيته)
ولكنى وجدت نفسى انى لا افكر او اتذكر اباحيته بقدر مافى القصة من الم ومن تعجب من فكر البشر

الشكر لله
وثم
لأحمد

و ل(مالك) على نقله لقصص

Ossama said...

عزيزتي الدكتورة ايمان
احمد ليس اباحيا ولا يكتب بورنو
وكتابته ليست مثيرة
اسألي نفسك ماهي المشاعر التي تتملكك عندما تقرأين احمد؟
هل هي مشاعر حسية شهوانية ام هي مشاعر مختلفة ؟؟
انا شخصيا لا اكف عن الضحك
هناك تعليق مطول ينتظرك في القصة بتاعة الطفل الصغير وجدته
مهم جدا

eman said...

ممم

لأ
انا الصراحة , لا اضحك

احس باللألم وانا اقرأ

وانا علقت كمان فى التعلق اللى فات, على ما مررت به منذ ان بدأت اقرأ لأحمد

الأباحية تذهب , ويبقى التفكير فى هؤلاء الناس

Ossama said...

ايمان العزيزة
انا اضحك على المواقف المضحكة مثل قصة براز العربجي
وقصة مش بايدي يا سعد افندي
وقصة خصاوي مدلاة
واتمزق وينفطر قلبي على قصة مثل قصة الطفل او الصديقان ماهر ومصطفي
ويمتزج الضحك بالالم عندما اقرأ قصة مثل قصة
الرجل النص والمحروقة
دي عبقرية احمد وجمال شغله انه بيفجر فيكي مشاعر حقيقية
ياريت يا دكتورة تقري من اول تدوينة عشان تبقى لرؤية متكاملة